بموجبه أولى من غيره بهما، ولا يصبح مالكاً للأرض والمعدن نفسهما، بينما نجد أنّ العمل لحيازة الحجر من الصحراء واغتراف الماء من النهر يكفي سبباً من الناحية الشرعيّة لا لاكتساب حقّ الأولويّة في الحجر والماء فحسب، بل لتملّكهما ملكيّة خاصّة.
فهناك اختلاف بين الأحكام التي ربطت الحقوق الخاصّة للفرد بعمله وجهده في تحديد نوع العمل الذي ينتج تلك الحقوق، وفي تحديد طبيعة تلك الحقوق التي ترتكز على العمل، ولأجل ذلك سوف يثير هذا الاختلاف عدّة أسئلة يجب الجواب عليها. فلماذا- مثلًا- كان العمل لحيازة الحجر والماء من النهر كافياً لاكتساب العامل حقّاً فيه، ولم يكن هذا النوع من العمل في الأرض والمعدن- مثلًا- سبباً لأيّ حقّ خاصّ فيهما؟ وكيف ارتفع الحقّ الذي كسبه الفرد في الماء عن طريق حيازته من النهر إلى مستوى الملكيّة، بينما لم يتح لمن أحيا أرضاً أو اكتشف منجماً أن يملك الأرض أو المنجم، وإنّما منح حقّ الأولويّة في المرفق الطبيعي الذي أحياه؟ ثمّ إذا كان العمل سبباً للحقوق الخاصّة فما بال الفرد إذا وجد أرضاً عامرة بطبيعتها، فاغتنم الفرصة الممنوحة لها طبيعيّاً وزرعها وأنفق على زراعتها جهداً لا يحصل على حقوق مماثلة لحقوق الإحياء، مع أ نّه قدّم على تربتها كثيراً من الجهود والأعمال؟ وكيف أصبح إحياء الأرض الميتة سبباً لحقّ الفرد في رقبة الأرض ولم يصبح استغلال الأرض العامرة وزراعتها مبرّراً لحقٍّ مماثل للفرد؟
إنّ الجواب على كلّ هذه الأسئلة التي أثارها اختلاف أحكام الإسلام بشأن العمل وحقوقه لَيتوقّف على تحديد الجانب الثالث من النظريّة الذي يشرح الأساس العامّ لتقييم العمل في النظريّة. ولكي نحدّد هذا الجانب يجب أن نجمع تلك الأحكام المختلفة بشأن العمل وحقوقه التي أثارت هذه الأسئلة، ونضيف