الاستنتاج:
من هذه الأحكام ونظائرها في المجموعة التي مرّت بنا من التشريع الإسلامي نستطيع أن نعرف أنّ الفرد لا يوجد له بصورة ابتدائيّة حقّ خاصّ في الثروة الطبيعيّة يمتاز به عن الآخرين على الصعيد التشريعي، ما لم يكن ذلك انعكاساً لعمل خاصّ فيها يميّزه عن غيره في واقع الحياة، فلا يختصّ الفرد بأرض إذا لم يحيها، ولا بمعدن إذا لم يكشف عنه، ولا بعين ماء إذا لم يستنبطها، ولا بالحيوانات النافرة إلّاإذا صادها، ولا بثروة على وجه الأرض أو في السماء إلّا إذا حازها وأنفق جهده في ذلك.
ونحن نرى من خلال هذه الأمثلة أنّ العمل الذي اعتبر في النظريّة الأساس الوحيد لاكتساب الحقوق الخاصّة بصورة ابتدائيّة في ثروات الطبيعة يختلف مفهومه النظري حسب اختلاف طبيعة الثروة ونوعها، فما يعتبر عملًا بالنسبة إلى بعض الثروات الطبيعيّة وسبباً كافياً لقيام الحقوق الخاصّة على أساسه لا يعتبر كذلك بالنسبة إلى نوع آخر من الثروة، فالحجر في الصحراء يمكنك أن تمتلكه بالحيازة، فالحيازة بالنسبة إلى الحجر عمل تعترف به النظريّة، وتسمح بقيام الحقوق الخاصّة على أساسه، ولكنّها لا تعترف بالحيازة بوصفها عملًا، ولا تسمح بقيام الحقوق الخاصّة على أساسها في الأرض الميتة والمنجم والينابيع الطبيعيّة للماء، فلا يكفي لكي تختصّ بأرض أو منجم أو عين ماء في أعماق الأرض أن تسيطر على تلك الثروات وتضمّها إلى حوزتك، بل لا بدّ لك في سبيل اكتساب حقوق خاصّة فيها أن تجسّد جهودك في الأرض والمنجم والعين، فتحيي الأرض وتكشف المنجم وتستنبط الماء.
وسوف نحدّد في النواحي الإيجابيّة من النظريّة مفهومها عن العمل