تيّارات العالم الكافر أو لا- فمن غير المعقول أن نحمّل الكلمة الإسلاميّة هذا النتاج اللغوي الغريب عنها.
ونحن لا نريد ولا يهمّنا الحديث عن رواسب الكلمة التاريخيّة والتركة التي تحمّلتها نتيجة لعصور معيّنة من التاريخ الإسلامي؛ لأنّنا لسنا بصدد المقارنة بين مدلولين للكلمة، بل لا نجد مبرّراً لهذه المقارنة إطلاقاً بين مفهوم الإقطاع في الإسلام ومفهومه الذي تعكسه النُظُم الإقطاعيّة على اللفظ؛ لانقطاع الصلة بين المفهومين نظريّاً، كانفصال أحدهما عن الآخر تاريخيّاً. وإنّما نستهدف في هذا البحث شرح الكلمة من وجهة نظر الفقه الإسلامي؛ من أجل تحديد الصورة الكاملة لأحكام الشريعة في التوزيع، التي تتحدّد وتتبلور خلال عمليّة الاكتشاف التي نمارسها في هذا الكتاب.
فالإقطاع كما يحدّده الشيخ الطوسي في المبسوط وابن قدامة في المغني والماوردي في أحكامه والعلّامة الحلّي هو في الحقيقة: منح الإمام لشخص من الأشخاص حقّ العمل في مصدر من مصادر الثروة الطبيعيّة، التي يعتبر العمل فيها سبباً لتملّكها أو اكتساب حقّ خاصّ فيها[1].
[1] فقد كتب الطوسي يقول:« إذا أقطع السلطان رجلًا من الرعيّة قطعة من الموات صار أحقّ به من غيره بإقطاع السلطان إيّاه بلا خلاف، وكذلك إذا تحجّر أرضاً من الموات، والتحجير: أن يؤثّر فيها أثراً لم يبلغ به حدّ الإحياء، مثل أن ينصب فيها المروز، أو يحوط عليها حائطاً، وما أشبه ذلك من آثار الإحياء فإنّه يكون أحقّ بها من غيره، فإقطاع السلطان بمنزلة التحجير». المبسوط 3: 273.
وكتب ابن قدامة يقول:« إنّ من أقطعه الإمام شيئاً من الموات لم يملّكه بذلك، لكن يصير أحقّ به، كالمتحجّر للشارع في الإحياء». المغني 6: 164.
وكتب الماوردي يقول:« فمن خصّه الإمام به وصار بالإقطاع أحقّ الناس به لم يستقرّ ملكه عليه قبل الإحياء». الأحكام السلطانيّة 2: 191.
وقال العلّامة الحلّي:« فائدة الإقطاع تُصيِّر المقطع أحقَّ بإحيائه». تذكرة الفقهاء( ط. الحجريّة) 2: 411.( المؤلّف قدس سره)