الاجتماعي والضيق على الآخرين، كما نصّ على ذلك الفقيه الإصفهاني في الوسيلة[1]؛ لأنّنا لا نملك نصّاً صحيحاً من الشريعة يدلّ على أنّ الحيازة- دائماً وفي جميع الأحوال- تكون سبباً لملكيّة الثروة المعدنيّة المحازة، مهما كان قدر تلك الثروة، ومدى أثر حيازتها على الآخرين. وإنّما الشيء الوحيد الذي نعلمه هو أنّ الناس كانوا قد اعتادوا في عصر التشريع على إشباع حاجاتهم من الموادّ المعدنيّة التي توجد على سطح الأرض أو قريباً منه بحيازة كمّيات من تلك الموادّ لسدّ حاجاتهم، وكانت الكمّيات ضئيلة بطبيعة الحال تبعاً لانخفاض إمكاناتهم الاستخراجيّة والإنتاجيّة. وهذه العادة التي سمحت بها الشريعة وقتئذٍ لا يمكن أن تصبح دليلًا على سماح الشريعة بتملّك الفرد لما يحوزه من الكمّيات وإن اختلفت حيازته في الكمّ- أي في قدر المادّة المحازة- وفي الكيف- أي أثر الحيازة على الآخرين- عن الحيازة التي جرت عليها عادة الناس في عصر التشريع.
وحتّى الآن وفي حدود المعادن الظاهرة- بالمعنى الفقهي- والمعادن الباطنة القريبة من سطح الأرض نجد أنّ الفقهاء لم يسمحوا بالملكيّة الخاصّة لرقبة المعدن، وإنّما أجازوا للفرد أن يأخذ من تلك المعادن القدر المعقول من حاجته.
وبذلك ترك مجال استثمار هذه الثروات الطبيعيّة في نطاق أوسع، بدلًا عن ممارسة المشاريع الفرديّة الخاصّة لها على سبيل الاحتكار.
المعادن الباطنة المستترة:
وأمّا المعادن الباطنة التي تختفي في أعماق الأرض فهي تتطلّب نوعين من الجهود:
[1] وسيلة النجاة 2: 318