الظاهرة فهي ما كان جوهرها المستودع فيها بارزاً، كمعادن الكحل والملح والقار والنفط، وهو كالماء الذي لا يجوز إقطاعه والناس فيه سواء يأخذه من ورد إليه ..
فإن اقطعت هذه المعادن الظاهرة لم يكن لإقطاعها حكم، وكان المقطع وغيره فيها سواء، وجميع من ورد إليها اسوة مشتركون فيها، فإن منعهم المقطع منها كان بالمنع متعدّياً[1].
فالمعادن الظاهرة في ضوء ما قدّمناه من النصوص الفقهيّة خاضعة لمبدأ الملكيّة العامّة. والملكيّة العامّة هنا تختلف عن الملكيّة العامّة لأراضي الفتح العامرة التي سبق الحديث عنها؛ لأنّ الملكيّة العامّة لتلك الأرض كانت نتيجة لعمل سياسي قامت به الامّة وهو الفتح، فلم تكن لتنفتح لأكثر من ذلك، فهي ملكيّة عامّة للُامّة الإسلاميّة. وأمّا المعادن هنا فالناس فيها جميعاً سواء بموجب كثير من المصادر الفقهيّة التي جاء التعبير فيها بكلمة (الناس) بدلًا عن كلمة (المسلمين)، كما في المبسوط، والمهذّب، والوسيلة، والسرائر، والامّ؛ إذ لا دليل في رأي أصحاب هذه المصادر على اختصاص المسلمين بالمعادن، فهي إذن ملك عامّ للمسلمين، ولكلّ من يعيش في كنفهم.
المعادن الباطنة:
وأمّا المعادن الباطنة وهي في العرف الفقهي- كما عرفنا- كلّ معدن لا ينجز بشكله الكامل إلّابالعمل، كالذهب الذي لا يصبح ذهباً إلّابالعمل والتطوير .. فهذه بدورها أيضاً نوعان؛ لأنّ المادّة المعدنيّة من هذا القبيل قد توجد قريباً من سطح
[1] الأحكام السلطانيّة 1: 235- 236 و 2: 197