واستثمارها؛ لأنّ رقبتها لا تزال ضمن نطاق ملكيّة الدولة.
ثالثاً: الأرض التي صولح أهلها على أن تكون لهم.
وهنا في الحقيقة عقد تنقل الدولة بموجبه ملكيّة هذه الأرض إلى المصالحين في مقابل امتيازات معيّنة تكسبها كالجزية مثلًا، وقد سبق أنّ الأراضي التي تملكها الدولة تعتبر من الأموال الخاصّة للدولة التي يمكن لها أن تتصرّف فيها بمعاوضة ونحوها. ولكنّ عقد الصلح هذا عقد سياسي بطبيعته، وليس عقد معاوضة، فهو لا يعني حقّاً إسقاط ملكيّة الدولة أو النبيّ والإمام لرقبة الأرض ونقلها إليهم، وإنّما يعني رفع اليد عن أرضهم وتركها لهم في مقابل امتيازات معيّنة، ووجوب الوفاء بهذا العقد يحتّم على الإمام أ لّايفرض عليهم اجرة في مقابل انتفاعهم بالأرض، وهذا غير نقل ملكيّة الرقبة، فالمصالحة على أن تكون الأرض لهم تعني المدلول العملي لهذه العبارة، لا المدلول التشريعي؛ لأنّ المدلول العملي هو كلّ ما يهمّ الكفّار المصالحين، فهي نظير عقد الذمّة الذي هو عقد سياسي تتنازل فيه الدولة عن جباية الزكاة والخمس من الذمّي في مقابل إعطاء الجزية، فإنّ هذا لا يعني سقوط الزكاة عن الكافر من الوجهة التشريعيّة، وإنّما يعني إلزام الدولة بأن لا تمارس جباية هذه الضريبة وإن كانت ثابتة تشريعاً.
فإذا تمّ كلّ ما تقدّم أمكن القول بأنّ الأرض كلّها ملك الدولة أو المنصب الذي يمثّله النبيّ أو الإمام، ولا استثناء لذلك إطلاقاً. وعلى هذا الضوء نفهم قول الإمام عليّ في رواية أبي خالد الكابلي، عن محمّد بن علي الباقر عليه السلام، عنه عليه السلام:
«والأرض كلّها لنا، فمن أحيا أرضاً من المسلمين فليعمرها وليؤدّ خراجها إلى الإمام»[1].
[1] وسائل الشيعة 25: 414، الباب 3 من أبواب إحياء الموات، الحديث 2