أوّلًا: الأرض المفتوحة عنوة العامرة بعد الفتح:
وقد تقدّم أنّ هذه الأرض يحكم بأ نّها ملك عامّ للمسلمين، ولهذا قلنا: إنّها تدخل في نطاق الملكيّة العامّة للُامّة، لا في نطاق ملكيّة الدولة. ولكن يمكن أن نقول بهذا الصدد: إنّ هذه الأرض إذا نظرنا إليها قبل الفتح نجد أ نّها أرض ميتة قد أحياها كافر، فتكون رقبتها على ضوء ما تقدّم ملكاً للإمام أو الدولة، وللكافر المحيي لها أو لمن انتقلت إليه من المحيي حقّ الإحياء، والروايات الواردة عن الأئمة عليهم السلام بشأن الأرض المفتوحة وأ نّها للمسلمين لا يفهم منها سوى أنّ ما كان للكافر من حقّ في الأرض ينتقل بالفتح إلى الامّة، ويصبح حقّاً عامّاً، ولا تدلّ على أنّ حقّ الإمام يسقط بالفتح؛ لأنّ المسلمين إنّما يغنمون من أعدائهم لا من إمامهم، وعلى هذا فسوف تظلّ رقبة الأرض ملكاً للإمام، ويتحوّل ما فيها من حقّ خاصّ إلى حقّ عامّ للُامّة.
ثانياً: الأرض التي أسلم أهلها عليها طوعاً:
وقد تقدّم أنّ هذه الأرض ملك خاصّ لأصحابها، غير أنّ بالإمكان القول بأنّ الروايات الواردة لبيان حكم هذه الأرض كانت متّجهة إلى الأمر بتركها في أيدي أصحابها في مقابل ما يصنع بالأرض المفتوحة من تجريد أصحابها من حقوقهم فيها، فما يترك لمن أسلم طوعاً هو نفس ما ينتزع من حقّ ممّن قهر عنوة، وهذا هو الحقّ الخاصّ دون ملكيّة رقبة الأرض.
وبكلمة اخرى: أنّ الأرض قبل إسلام أهلها عليها طوعاً كانت ملكاً للدولة بحكم دليل الأنفال، وكان لصاحبها حقّ خاصّ فيها هو حقّ الإحياء، والإسلام يحقن ما له من حقوق، لا أ نّه يمنحه من الحقوق ما لم يكن له وعليه، فيظلّ محتفظاً بحقّ الإحياء مع بقاء الأرض ملكاً للدولة، ولهذا وجدنا أ نّه إذا أخلّ بواجبه وأهمل الأرض ولم يعمرها كان على الإمام أن يبادر إلى الاستيلاء عليها