نوعين؛ لأنّ الأرض تارةً تفتح فتحاً جهاديّاً على يد جيش الدعوة، واخرى يسلم عليها أهلها طوعاً:
فإن كان ضمّ الأرض إلى حوزة الإسلام ومساهمتها في الحياة الإسلاميّة نتيجة للفتح فالعمل السياسي هنا يعتبر عمل الامّة، لا عمل فرد من الأفراد؛ ولذلك تكون الامّة هي صاحبة الأرض، ويطبّق على الأرض- لأجل ذلك- مبدأ الملكيّة العامّة.
وإن كان ضمّ الأرض العامرة وإسهامها في الحياة الإسلاميّة عن طريق إسلام أهلها عليها كان العمل السياسي هنا عمل الأفراد، لا عمل الامّة؛ ولأجل ذلك اعترف الإسلام هنا بحقّهم في الأرض العامرة التي أسلموا عليها، وسمح لهم بالاحتفاظ بها.
وهكذا نعرف أنّ العمل السياسي يقوم بدورٍ في النظرة الإسلاميّة العامّة إلى الأرض، ولكنّه لا ينتزع طابع اللافرديّة في الملكيّة إذا كان عملًا جماعيّاً تشترك فيه الامّة بمختلف ألوان الاشتراك كالفتح، بل تصبح الأرض عندئذٍ ملكاً عامّاً للُامّة. والملكيّة العامّة للُامّة تتّفق في الجوهر والمغزى الاجتماعي مع ملكيّة الدولة وإن كانت ملكيّة الدولة أرحب منها وأوسع؛ لأنّ ملكيّة الامّة بالرغم من كونها عامّة داخل نطاق الامّة لكنّها خاصّة بالامّة على أيّ حال، ولا يجوز استخدامها إلّافي مصالحها العامّة. وأمّا ملكيّة الدولة فيمكن للإمام استثمارها في نطاق أوسع. فالعمل السياسي الجماعي بالنسبة إلى الأراضي العامرة التي فتحها المسلمون أنتج وضعها في نطاق إسلامي بدلًا عن نطاق إنساني أوسع، ولم يخرجها عن طابع اللافرديّة في الملكيّة على أيّ حال، وإنّما تخرج الأرض عن هذا الطابع، وتخضع لمبدأ الملكيّة الخاصّة حين يكون العمل السياسي عملًا فرديّاً، كإسلام الأفراد على أراضيهم طوعاً.