الإنسانية منذ الأزل إلى العصر الحديث، وقوام التركيب العضوي والنفسي في الإنسان، وليس التأريخ إلّاسلسلة مترابطة من ظواهر الكفاح بين الأجناس والدماء التي تخوض معركة الحياة في سبيل البقاء، فيكتب فيها النصر للدم القوي النقي، وتموت في خضمّه الشعوب الضعيفة وتضمحلّ وتذوب بسبب ما تفقده من طاقات في جنسها، وما تخسره من قابلية المقاومة النابعة من نقاء الدم.
***
ومن تفسيرات التأريخ بالعامل الواحد: المفهوم الجغرافي للتأريخ، الذي يعتبر العامل الجغرافي والطبيعي أساساً لتأريخ الامم والشعوب، فيختلف تأريخ الناس باختلاف ما يكتنفهم من العوامل الجغرافية والطبيعية؛ لأنّها هي التي تشقّ لهم طريق الحضارة الراقية، وتوفّر لهم أسباب المدنية، وتفجّر في عقولهم الأفكار البنّاءة أحياناً، وتوصد في وجوههم الأبواب، وتفرض عليهم السير في مؤخّر القافلة البشرية أحياناً اخرى، فالعامل الجغرافي هو الذي يكيّف المجتمعات بما يتّفق مع طبيعته ومتطلّباته.
***
وهناك تفسير ثالث بالعامل الواحد نادى به بعض علماء النفس قائلًا: إنّ الغريزة الجنسية هي السرّ الحقيقي الكامن وراء مختلف النشاطات الإنسانية التي يتأ لّف منها التأريخ والمجتمع، فليست حياة الإنسان إلّاسلسلة من الاندفاعات الشعورية أو اللاشعورية عن تلك الغريزة.
***
وآخر هذه المحاولات- التي جنحت إلى تفسير التأريخ والإنسان بعامل واحد- هي المادية التأريخية التي بشّر بها كارل ماركس، مؤكّداً فيها: أنّ العامل الاقتصادي هو العامل الرئيسي والرائد الأوّل للمجتمع في نشوئه وتطوّره،