صارت إلى حالها الأوّل، ثمّ أحياها آخر بعده لكانت لمن أحياها بمنزلة الذي أحياها أوّل مرّة»[1].
وقال بعض فقهاء الأحناف بهذا أيضاً، معلّلين ذلك بأنّ الأوّل ملك استغلال الأرض لا رقبتها، فإذا كان تركها كان الثاني أحقّ بها[2].
وإذا كانت الأرض التي أهملها صاحبها مندرجة في نطاق الملكيّة الخاصّة- كالأراضي التي أسلم عليها أهلها طوعاً- فإنّ ملكيّة صاحبها لها لا تحول دون سقوط حقّه فيها بإهمالها والامتناع عن القيام بحقها، كما عرفنا. وتعود- في رأي ابن البرّاج[3] وابن حمزة[4] وغيرهما[5]– ملكاً للمسلمين، وتدخل في نطاق الملكيّة العامّة.
وهكذا نعرف أنّ الاختصاص بالأرض- حقّاً أو ملكاً- محدود بإنجاز الفرد لوظيفته الاجتماعيّة في الأرض، فإذا أهملها وامتنع عن إعمارها حتّى خربت انقطعت صلته بها، وتحرّرت الأرض من قيوده، وعادت ملكاً طليقاً للدولة إن كانت مواتاً بطبيعتها، وأصبحت ملكاً عامّاً للمسلمين إن كان الفرد الذي أهملها وسقط حقّه فيها قد ملكها بسبب شرعي، كما في الأراضي التي أسلم عليها أهلها طوعاً[6].
[1] المدوّنة الكبرى 6: 195
[2] انظر فتح القدير 9: 4
[3] المهذّب 1: 82
[4] الوسيلة: 132
[5] مسالك الأفهام 3: 58
[6] تحرير الأحكام الشرعيّة 2: 169، ومسالك الأفهام 3: 58