في نطاق الملكيّة الخاصّة، ولا ينزع عنها طابع ملكيّة الدولة، ولا يمنع الإمام من فرض الخراج والاجرة على الأرض. وإنّما ينتج عن الإحياء حقّ للفرد بالقدر الذي يسمح له بالانتفاع من الأرض، ومنع الآخرين من مزاحمته، كما مرّ بنا سابقاً. وأمّا السببان الأخيران فإنّهما يمنحان الفرد المسلم أو المصالح ملكيّة الأرض، فتصبح بذلك مندرجة في نطاق الملكيّة الخاصّة.
والاختصاص الشخصي للفرد بالأرض- سواء كان على مستوى حقّ أو على مستوى ملكيّة- ليس اختصاصاً مطلقاً من الناحية الزمنيّة، بل هو اختصاص وتفويض محدود بقيام الفرد بمسؤوليّته تجاه الأرض، فإذا أخلّ بمسؤوليّته بالصورة التي سوف توضّحها الروايات الآتية سقط حقّه في الأرض، ولم يجز له احتكارها وتحجيرها ومنع الآخرين من إعمارها واستثمارها. وبذلك اتّخذ المفهوم القائل بأنّ الملكيّة وظيفة اجتماعيّة يمارسها الفرد .. أقوى تعبير في مجال الأرض وحقوق الأفراد فيها.
والدليل على ذلك من الشريعة عدّة نصوص تشريعيّة: فقد جاء في حديث أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام، قال: «من أسلم طوعاً تركت أرضه في يده، واخذ منه العشر ممّا سقت السماء والأنهار، ونصف العشر ممّا كان بالرِشا، فيما عمروه منها، وما لم يعمر منها أخذه الإمام فقبّله من يعمره، وكان للمسلمين، وعلى المتقبّلين في حصصهم العشر أو نصف العشر»[1].
وورد في صحيح معاوية بن وهب: أنّ الإمام جعفر عليه السلام قال: «أ يّما رجلٍ أتى خربة بائرة فاستخرجها وكرى أنهارها وعمرها فإنّ عليه فيها الصدقة
[1] وسائل الشيعة 15: 175، الباب 72 من أبواب جهاد العدوّ، الحديث الأوّل