أمّا الموات من الأرض المسلمة بالدعوة فهي كالموات من أراضي الفتح، يطبّق عليها مبدأ ملكيّة الدولة، وجميع الأحكام التي مرّت بنا في موات الفتح؛ لأنّ الأرض الميتة بشكل عامّ تعتبر من الأنفال، والأنفال ملك الدولة.
وكذلك الأرض العامرة طبيعيّاً المنضمّة إلى حوزة الإسلام بالاستجابة السلميّة، فهي ملك للدولة أيضاً، تطبيقاً للمبدأ الفقهي القائل: «كلّ أرض لا ربّ لها هي من الأنفال»[1].
ولكنّ الفرق بين هذين القسمين: الميتة والعامرة طبيعيّاً- بالرغم من كونهما معاً ملكاً للدولة- هو: أنّ الفرد يمكنه أن يكتسب حقّاً خاصّاً في الأرض الميتة عن طريق إحيائها، وتثبت له من الأحكام ما مرّ من تفصيلات تشريعيّة عن عمليّة الإحياء التي يمارسها الفرد في الميت من أراضي الفتح. وأمّا الأراضي العامرة بطبيعتها التي دخلت في دار الإسلام طوعاً فلا سبيل إلى اكتساب الفرد حقّاً فيها بسبب الإحياء؛ لأنّها عامرة وحيّة بطبيعتها، وإنّما يباح للأفراد الانتفاع بتلك الأرض. وإذا مارس الفرد انتفاعه فلا تنتزع الأرض منه لحساب فرد آخر ما دام يمارس الأوّل انتفاعه؛ إذ لا ترجيح لفرد على فرد، ويسمح للآخر بالانتفاع في حدودٍ لا تزاحم انتفاع الأوّل، أو فيما إذا كفّ الأوّل عن انتفاعه بالأرض واستثماره لها[2].
وأمّا الأرض العامرة التي أسلم عليها أهلها طوعاً فهي لهم؛ لأنّ الإسلام يمنح المسلم على أرضه وماله طوعاً جميع الحقوق التي كان يتمتّع بها في الأرض والمال قبل إسلامه. فيتمتّع أصحاب الأرض المسلمون طوعاً بالحقّ في الاحتفاظ
[1] وسائل الشيعة 9: 524، الباب الأوّل من أبواب الأنفال، الحديث 4
[2] انظر الروضة البهيّة 4: 46