وعلى أيّ حال فلا شكّ أنّ لوليّ الأمر أن يمنع عن إحياء بعض أراضي الدولة، وأن يحدّد الكمّية التي يباح لكلّ فرد إحياؤها من تلك الأراضي إذا اقتضت المصلحة العامّة ذلك.
ونخلص من أحكام الأراضي الموات إلى النقاط الآتية:
أوّلًا: أ نّها تعتبر ملكاً للدولة.
ثانياً: أنّ إحياءها من قِبل الأفراد جائز مبدئيّاً ما لم يمنع عنه وليّ الأمر.
ثالثاً: أنّ الفرد إذا أحيا أرضاً للدولة وعمرها، كان له فيها الحقّ الذي يخوّله الانتفاع بها، ويمنع الآخرين من مزاحمته فيها، دون أن تصبح الأرض ملكاً خاصّاً له.
رابعاً: للإمام أن يتقاضى من الفرد المحيي للأرض خراجاً؛ لأنّ رقبة الأرض ملكه، ويفرض هذا الخراج وفقاً للمصلحة العامّة والتوازن الاجتماعي.
وللإمام أيضاً أن يعفو عن الخراج في ظروف معيّنة ولاعتبارات استثنائيّة نجد ذلك في السيرة النبويّة المقدّسة[1].
وعلى ضوء ما تقدّم يمكننا أن نميّز بوضوح بين الحقّ الخاصّ الذي ذكرنا أنّ الفرد يكسبه بالإحياء، وبين الملكيّة الخاصّة لرقبة الأرض التي نفينا حصولها بالإحياء. ويمكن تلخيص أهمّ ما يميّز هذا الحقّ عن ملكيّة رقبة الأرض فيما يلي:
أوّلًا: أنّ هذا الحقّ يسمح للدولة بأخذ الاجرة من الفرد صاحب الحقّ لقاء انتفاعه بالأرض؛ لأنّ رقبتها تظلّ ملكاً للدولة، بينما لا مبرّر لهذه الاجرة في حالة
[1] انظر المبسوط 2: 29، ووسائل الشيعة 9: 523، الباب الأوّل من أبواب الأنفال، الحديث 1 و 2، والسيرة النبويّة 3: 352