ونفس الرأي نجده في بلغة المحقّق الفقيه السيّد محمّد بحر العلوم، إذ مال إلى: «منع إفادة الإحياء التملّك المجّاني من دون أن يكون فيه حقّ، فيكون للإمام فيه بحسب ما يقاطع المحيي عليها في زمان حضوره وبسط يده، ومع عدمه فله اجرة المثل. ولا ينافي ذلك نسبة الملكيّة إلى المحيي في أخبار الإحياء- أي في قولهم: من أحيا أرضاً فهي له- وإن هي إلّاجارية مجرى كلام الملّاكين للفلّاحين في العرف العامّ، عند تحريضهم على تعمير الملك: من عمّرها أو حفر أنهارها وكرى سواقيها فهي له، الدالّة على أحقّيته من غيره، وتقدّمه على من سواه، لا على نفي الملكيّة من نفسه وسلب الملكيّة عن شخصه، فالحصّة الراجعة إلى الملّاك- المعبّر عنها بالملّاكة- مستحقّة له غير منفيّة عنه وإن أضاف الملك إليهم عند الترخيص والإذن العمومي»[1].
وهذا الرأي الفقهي الذي يقرّره الشيخ الطوسي والفقيه بحر العلوم يستند إلى عدّة نصوص ثابتة بطرق صحيحة عن أئمة أهل البيت عليٍّ وآله عليهم السلام، فقد جاء في بعضها: «من أحيا أرضاً من المؤمنين فهي له وعليه طسقها»[2]. وجاء في بعضها الآخر: «من أحيا من الأرض من المسلمين فليعمّرها، وليؤدّ خراجها إلى الإمام … وله ما أكل منها»[3].
فالأرض في ضوء هذه النصوص لا تصبح ملكاً خاصّاً لمن أحياها، وإلّا لما صحّ أن يكلّف بدفع اجرة عن الأرض للدولة، وإنّما تبقى رقبة الأرض ملكاً للإمام، ويتمتّع الفرد بحقّ في رقبة الأرض يمكنه من الانتفاع بها ومنع الآخرين
[1] بلغة الفقيه 1: 274
[2] وسائل الشيعة 9: 549، الباب 4 من أبواب الأنفال، الحديث 13
[3] تهذيب الأحكام 7: 152، الحديث 23