كانت من المقدّر أن تفتح بعد ذلك، كأراضي الفرس والروم كما قيل في كتب التفسير[1].
فإذا أخذنا بالفرضيّة الاولى في تفسير هذه الفقرة- كما هو الظاهر؛ لأنّ الآية تدلّ على أ نّها قد تمّ توريثها فعلًا للمسلمين- كانت تعبيراً عن نوع من الأنفال الذي ترجع ملكيّته إلى اللَّه ورسوله لا إلى المسلمين، وهذا يشكّل قرينة على أنّ المقصود بإرث المسلمين لتلك الأشياء انتقال السيطرة والاستيلاء إليهم، لا انتقال الملكيّة بالمعنى الشرعي، فلا تكون في الآية دلالة على نوع الملكيّة للأرض.
وإذا أخذنا بالفرضيّة الثانية في تفسير تلك الفقرة كانت قرينة على أنّ الآية ليست متّجهة نحو المعاصرين نزولها فحسب، بل نحو الامّة على امتدادها؛ لأنّ فتح الأراضي في المعارك المستقبلة قد لا يشهده المعاصرون بوصفهم أفراداً، وإنّما يشهدونه بوصفهم تعبيراً عن الامّة الممتدّة تاريخيّاً، فيتناسب توريث الأرض في الآية الكريمة عندئذٍ مع الملكيّة العامّة للمسلمين.
وأمّا الاستناد إلى وحدة السياق لإثبات أنّ من ملكوا الأرض هم بعينهم من ملكوا الأموال- أي المقاتلين خاصّة- فهو غير صحيح؛ لأنّه يؤدّي إلى جعل الآية خطاباً للمقاتلين خاصّة، مع أنّ ظاهر الآية الكريمة الاتّجاه نحو الجماعة المسلمة المعاصرة كلّها فلا بدّ من إعطاء التوريث معنىً غير التمليك بالمعنى الحرفي الذي يختصّ بالمقاتلين في الأموال المغتنمة، وهو إمّا السيطرة، أو دخول ملكيّة تلك الأشياء في حوزتهم، سواءً اتّخذت شكل الملكيّة الخاصّة أو العامّة، فتكون الآية الكريمة في قوّة قولنا: ومكّنكم من أرضهم وأموالهم، أو قولنا: وضممنا ملكيّة
[1] انظر مجمع البيان 4: 351، والكشّاف 3: 534