أمامها لمستوى أرفع. فلم يكن يعني تقسيم نصف خيبر على عدد كبير من المسلمين منحهم ملكيّة رقبة الأرض وإخضاعها لمبدأ الملكيّة الخاصّة، وإنّما هو تقسيم للأرض باعتبار ريعها ومنافعها مع بقاء رقبتها ملكاً عامّاً.
وهذا هو الذي يفسّر لنا مباشرة وليّ الأمر للتصرّفات التي تتّصل بأرض خيبر بما فيها سهام الأفراد؛ لأنّ رقبة الأرض ما دامت ملكاً للُامّة فيجب أن يكون وليّها هو الذي يتولّى شؤونها.
كما يفسّر لنا شمول التقسيم لبعض الأفراد ممّن لم يساهم في معركة خيبر، كما نصّ على ذلك عدد من المحدّثين والمؤرّخين[1]؛ فإنّ هذا يعزّز موقفنا في تفسير هذا التقسيم على أساس محاولة إيجاد التوازن في المجتمع بدلًا عن تفسيره بوصفه تطبيقاً لمبدأ توزيع الغنيمة على المقاتلين الذي لا يسمح بمشاركة غيرهم.
وتوجد آية اخرى استدلّ بها بعض القائلين بالملكيّة الخاصّة، وهي قوله تعالى: «وَ أَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَ دِيارَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ وَ أَرْضاً لَمْ تَطَؤُها …»[2]، على أساس أنّ الآية اعتبرت الأرض ميراثاً للجماعة التي خاطبتهم، وهم المؤمنون المعاصرون لنزول الآية، وهذا ينفي ملكيّتها للُامّة على امتدادها. وقد ساوت الآية بين الأرض والأموال وساقتها مساقاً واحداً، وهذا يعني أنّ الوارث للأموال هو الوارث للأرض، ومن الواضح أنّ الأموال تختصّ بالمقاتلين فكذلك الأرض.
ونلاحظ بهذا الصدد أنّ الآية الكريمة قد عطفت على أرضهم وأموالهم أرضاً وصفتها بأ نّها لم يطأها المسلمون، والمقصود بهذه الأرض: إمّا الأرض التي لم يُوجَف عليها بخيل ولا ركاب وفرّ أهلها خوفاً من المسلمين، وإمّا الأرض التي
[1] راجع الكامل في التاريخ 3: 224
[2] سورة الأحزاب: 27