وليّ الأمر لشؤون الجزء الآخر أيضاً، الذي نفترض أ نّه قد قسّمه بين المقاتلين ..
إذا جمعنا بين ذلك كلّه نستطيع أن نضع للسيرة النبويّة تفسيراً ينسجم مع النصوص التشريعيّة السابقة التي تقرّر مبدأ الملكيّة العامّة في الأرض المفتوحة، فإنّ من الممكن أن يكون رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قد طبّق على أرض خيبر مبدأ الملكيّة العامّة الذي يقتضي تملّك الامّة لرقبة الأرض، ويحتّم لزوم استخدامها في مصالح الامّة وحاجاتها العامّة.
والحاجات العامّة للُامّة يومئذٍ كانت من نوعين:
أحدهما: تيسير نفقات الحكومة التي تنفقها خلال ممارستها لواجبها في المجتمع الإسلامي.
والآخر: إيجاد التوازن الاجتماعي ورفع المستوى العامّ الذي كان متردّياً إلى درجةٍ قالت السيّدة عائشة في وصفه: «إنّا لم نشبع من التمر حتّى فتح اللَّه خيبر»[1].
فإنّ هذه الدرجة من التردّي التي تقف حائلًا دون تقدّم المجتمع الفتي وتحقيق مُثُله في الحياة يعتبر علاجها حاجة عامّة للُامّة.
وقد حقّقت السيرة النبويّة إشباع كلا النوعين من الحاجات العامّة للُامّة، فالنوع الأوّل ضمِن النبيّ إشباعه بالنصف الذي حدّثتنا الروايات السابقة عن تخصيصه للنوائب والوفود ونحو ذلك. والنوع الثاني من الحاجات عولج عن طريق تخصيص ريع النصف الآخر من أرض خيبر لمجموعة كبيرة من المسلمين؛ ليساعد ذلك على تجنيد الطاقات العامّة في المجتمع الإسلامي، وفسح المجال
[1] كنز العمّال 10: 469، الحديث 30132. وفيه:« عن عائشة قالت: لمّا فتح اللَّه علينا خيبر قلت: يا رسول اللَّه، الآن نشبع من التمر»