التي ألفها هذا المتأوّل من واقعه في حياته ومجتمعه. وقد منعه واقعه عن إدراك غرض هذه الآية الكريمة التي لم تكن تستهدف السماح بالفائدة التي لا تضاعف القرض، وإنّما كانت تريد لفت نظر المرابين إلى النتائج الفظيعة التي قد يسفر عنها الربا؛ إذ يصبح المدين مثقلًا بأضعاف ما استقرضه؛ لتراكم فوائد الربا، ونموّ رأس المال الربوي نموّاً شاذّ اًباستمرار يواكبه تزايد بؤس المدين وانهياره في النهاية.
ولو أراد هذا المتأوّل أن يعيش القرآن خالصاً وبعيداً عن إيحاءات الواقع المعاش وإغرائه لقرأ قوله تعالى: «وَ إِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَ لا تُظْلَمُونَ»[1]، ويفهم أنّ المسألة ليست مسألة حرب مع نوع خاصّ من الربا الجاهلي الذي يضاعف الدَّين أضعافاً مضاعفة، وإنّما هي مسألة مذهب اقتصادي له نظرته الخاصّة إلى رأس المال التي تحدّد له مبرّرات نموّه، وتشجب كلّ زيادة له منفصلة عن تلك المبرّرات مهما كانت ضئيلة، كما يقرّره إلزام الدائن بالاكتفاء برأس ماله، لا يَظلم ولا يُظلم.
ب- دمج النصّ ضمن إطار خاصّ:
وأمّا عمليّة دمج النصّ ضمن إطار معيّن فهي دراسة النصّ في إطار فكري غير إسلامي، وهذا الإطار قد يكون منبثقاً عن الواقع المعاش، وقد لا يكون.
فيحاول الممارس أن يفهم النصّ ضمن ذلك الإطار المعيّن، فإذا وجده لا ينسجم مع إطاره الفكري أهمله واجتازه إلى نصوص اخرى تواكب إطاره، أو لا تصطدم به على أقلّ تقدير.
وقد رأينا سابقاً كيف اهملت نصوص تحدّ من سلطة المالك، وتسمح أحياناً بانتزاع الأرض منه، وفضّل عليها غيرها لمجرّد أنّ تلك النصوص لا تتّفق مع
[1] سورة البقرة: 279