[الذاتيّة في الاجتهاد وأسبابها:]
ولأجل تعاظم خطر الذاتيّة على العمليّة التي يمارسها كان لزاماً علينا كشف هذه النقطة بوضوح، وتحديد منابع هذا الخطر. وبهذا الصدد يمكننا أن نذكر الأسباب الأربعة التالية بوصفها أهمّ المنابع لخطر الذاتيّة:
أ- تبرير الواقع.
ب- دمج النصّ ضمن إطار خاصّ.
ج- تجريد الدليل الشرعي من ظروفه وشروطه.
د- اتّخاذ موقف معيّن بصورة مسبقة تجاه النصّ.
: أ- تبرير الواقع
إنّ عمليّة تبرير الواقع هي المحاولة التي يندفع فيها الممارس بقصد أو بدون قصد إلى تطوير النصوص وفهمها فهماً خاصّاً يبرّر الواقع الفاسد الذي يعيشه الممارس، ويعتبره ضرورة واقعة لا مناص عنها، نظير ما قام به بعض المفكّرين المسلمين ممّن استسلم للواقع الاجتماعي الذي يعيشه، وحاول أن يُخضع النصّ للواقع بدلًا عن التفكير في تغيير الواقع على أساس النصّ، فتأوّل أدلّة حرمة الربا والفائدة، وخرج من ذلك بنتيجة تواكب الواقع الفاسد، وهي: أنّ الإسلام يسمح بالفائدة إذا لم تكن أضعافاً مضاعفة، وإنّما ينهى عنها إذا بلغت مبلغاً فاحشاً يتعدّى الحدود المعقولة كما في الآية الكريمة: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»[1]. والحدود المعقولة هي الحدود
[1] سورة آل عمران: 130