والمفاهيم فمن الطبيعي أن نتساءل: كيف سوف نصل إلى هذه الأحكام والمفاهيم نفسها؟
والجواب على هذا السؤال هو: أ نّنا نلتقي بتلك الأحكام والمفاهيم وجهاً لوجه وبصورة مباشرة في النصوص الإسلاميّة التي تشتمل على التشريع أو على وجهة نظر إسلاميّة معيّنة.
فليس علينا إلّاأن نستحضر نصوص القرآن الكريم والسنّة بهذا الصدد؛ لنجمع العدد الكافي من الأحكام والمفاهيم التي نصل بها في نهاية الشوط إلى النظريّات المذهبيّة العامّة.
ولكنّ المسألة بالرغم من ذلك ليست مجرّد تجميع نصوص فحسب؛ لأنّ النصوص لا تبرز في الغالب مضمونها التشريعي أو المفهومي- الحكم أو المفهوم- إبرازاً صريحاً محدّداً لا يقبل الشكّ في أيّ جهة من جهاته، بل كثيراً ما ينطمس المضمون أو تبدو المضامين مختلفة وغير متّسقة، وفي هذه الحالات يصبح فهم النصّ واكتشاف المضمون المحدّد من مجموع النصوص التي تعالج ذلك المضمون عمليّة اجتهاد معقّدة لا فهماً بسيطاً.
ولا نحاول في هذا المجال أن نشير إلى طبيعة هذه العمليّة واصولها وقواعدها ومناهجها الفقهيّة؛ لأنّ ذلك كلّه خارج عن الصدد، وإنّما نريد في هذا الضوء أن نقرّر حقيقةً عن المذهب الاقتصادي، ونحذّر من خطر قد يقع خلال عمليّة الاكتشاف.
أمّا الحقيقة فهي: أنّ الصورة التي نكوّنها عن المذهب الاقتصادي لمّا كانت متوقّفة على الأحكام والمفاهيم فهي انعكاس لاجتهاد معيّن؛ لأنّ تلك الأحكام والمفاهيم التي تتوقّف عليها الصورة نتيجة لاجتهاد خاصّ في فهم النصوص، وطريقة تنسيقها والجمع بينها، وما دامت الصورة التي نكوّنها عن المذهب