الأهداف الإسلاميّة وفقاً للظروف، وبالتالي يصبح من المتعذّر تطبيق المذهب الاقتصادي كاملًا بنحو نقطف ثماره ونحقّق أهدافه.
ومن الواضح أنّ هذا الكتاب ما دام يبحث في المذهب الاقتصادي فليس من وظيفته أن يتكلّم عن نظام الحكم في الإسلام، ونوعيّة الشخص أو الجهاز الذي يصحّ أن يخلف الرسول شرعاً في ولايته وصلاحيّاته بوصفه حاكماً، ولا عن الشروط التي يجب أن تتوفّر في ذلك الفرد أو الجهاز .. فإنّ ذلك كلّه خارج عن الصدد. ولهذا سوف نفترض في بحوث الكتاب حاكماً شرعيّاً يسمح له الإسلام بمباشرة صلاحيّات النبيّ كحاكم، ونستخدم هذا الافتراض في سبيل تسهيل الحديث عن المذهب الاقتصادي ومنطقة الفراغ فيه، وتصوير ما يمكن أن يحقّقه من أهداف ويقدّمه من ثمار.
***
وأمّا لماذا تركت في المذهب الاقتصادي الإسلامي منطقة فراغ لم تُملأ من قِبل الشريعة ابتداءً بأحكام ثابتة؟ وما هي الفكرة التي تبرّر وجود هذه المنطقة في المذهب، وترك أمر ملئها إلى الحاكم؟ وبالتالي ما هي حدود منطقة الفراغ على ضوء الأدلّة في الفقه الإسلامي؟ كلّ ذلك سوف نجيب عليه في البحوث المقبلة إن شاء اللَّه تعالى.
عمليّة الاجتهاد والذاتيّة:
عرفنا حتّى الآن أنّ الذخيرة التي نملكها في عمليّة اكتشاف المذهب الاقتصادي في الإسلام هي الأحكام والمفاهيم. وقد آن لنا أن نقول كلمة عن الطريقة التي نحصل بها على تلك الأحكام والمفاهيم، وما يحفّ هذه الطريقة من مخاطر؛ لأنّنا إذا كنّا سوف نكتشف المذهب الاقتصادي عن طريق الأحكام