عرضناه سابقاً يصحّ أن يكون أساساً لاستعمال الدولة صلاحيّاتها في مجالات تنظيم التداول، فتمنع في حدود الصلاحيّات كلّ محاولة من شأنها الابتعاد بالتداول عن الإنتاج، وجعله عمليّة لإطالة الطريق بين المستهلك والسلعة المنتجة، بدلًا عن أن يكون عمليّة إعداد للسلعة وإيصالٍ لها إلى يد المستهلك.
فالمفاهيم الإسلاميّة تقوم إذن بدور الإشعاع على النصوص التشريعيّة العامّة، أو بدور تموين الدولة بنوعيّة التشريعات الاقتصاديّة التي يجب أن تُملأ بها منطقة الفراغ.
[منطقة الفراغ في التشريع الاقتصادي:]
وحيث جئنا على ذكر منطقة الفراغ في التشريع الاقتصادي يجب أن نعطي هذا الفراغ أهمّية كبيرة خلال عمليّة اكتشاف المذهب الاقتصادي؛ لأنّه يمثّل جانباً من المذهب الاقتصادي في الإسلام، فإنّ المذهب الاقتصادي في الإسلام يشتمل على جانبين:
أحدهما: قد مُلئ من قِبَل الإسلام بصورة منجزة لا تقبل التغيير والتبديل.
والآخر: يشكّل منطقة الفراغ في المذهب قد ترك الإسلام مهمّة مَلئها إلى الدولة أو وليّ الأمر يملؤها وفقاً لمتطلّبات الأهداف العامّة للاقتصاد الإسلامي ومقتضياتها في كلّ زمان.
ونحن حين نقول: (منطقة فراغ) فإنّما نعني ذلك بالنسبة إلى الشريعة الإسلاميّة ونصوصها التشريعيّة، لا بالنسبة إلى الواقع التطبيقي للإسلام الذي عاشته الامّة في عهد النبوّة. فإنّ النبيّ الأعظم صلى الله عليه و آله قد ملأ ذلك الفراغ بما كانت تتطلّبه أهداف الشريعة في المجال الاقتصادي على ضوء الظروف التي كان المجتمع الإسلامي يعيشها، غير أ نّه صلى الله عليه و آله حين قام بعمليّة مَلء هذا الفراغ لم يملأه