موسوعة الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره، ج3، ص: 442
وقد تردّد كثير في الأخذ بهذه النصوص[1]؛ لأنّها تهدر حرمة الملكيّة المقدّسة. ومن الواضح أنّ هؤلاء المتردّدين لو كانوا ينظرون إلى تلك النصوص بمنظار المفهوم الإسلامي عن الملكيّة لما صعب عليهم الأخذ بها والتجاوب مع فكرتها وروحها.
وبهذا نعرف أنّ المفاهيم الإسلاميّة في الحقل الاقتصادي قد تُشكّل إطاراً فكريّاً يكون من الضروري اتّخاذه لتتبلور ضمنه النصوص التشريعيّة في الإسلام تبلوراً كاملًا، ويتيسّر فهمها دون تردّد.
ونحن نجد بعض تلك النصوص التشريعيّة قد لاحظت هذا المعنى بوضوح فأعطت المفهوم أو الإطار تمهيداً لإعطاء الحكم الشرعي، فقد جاء في الحديث بشأن الأرض وملكيّة الإنسان لها: «إنّ الأرض للَّهتعالى جعلها وقفاً على عباده، فمن عطّل أرضاً ثلاث سنين متوالية لغير ما علّة اخذت من يده ودفعت إلى غيره»[2]. فنحن نرى أنّ الحديث قد استعان بمفهوم معيّن عن ملكيّة الأرض ودور الفرد فيها على توضيح الحكم بانتزاع الأرض من مالكها وتبرير ذلك.
وبعض المفاهيم الإسلاميّة يقوم بإنشاء قاعدة يرتكز على أساسها ملء الفراغ الذي اعطي لوليّ الأمر حقّ ملئه. فالمفهوم الإسلامي عن التداول مثلًا الذي
[1] بل حكموا ببقاء الأرض على ملك المالك الأوّل أو وارثه. حكي ذلك عن الشيخ الطوسي في المبسوط، وابن البرّاج في المهذّب، وابن إدريس في السرائر، ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع، والشهيد الأوّل في الدروس الشرعيّة، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد. راجع جواهر الكلام 38: 21.( لجنة التحقيق)
[2] وسائل الشيعة 25: 433- 434، الباب 17 من أبواب كتاب إحياء الموات، الحديث الأوّل. والحديث عن الإمام الكاظم عليه السلام