عن القيام بها. وكان من الطبيعي لأجل ذلك أن تعتمد الدولة الرأسماليّة في ماليّتها العامّة على الضريبة ونحوها من مصادر الإيرادات الاخرى. ثمّ استأنف الدومين وجوده بوصفه مصدراً مهمّاً واتّسع نطاقه بعد ظهور الاتّجاهات الاشتراكيّة نحو التأميم، وتزلزل مبدأ الحرّية الاقتصاديّة في التفكير الاقتصادي العامّ.
ومن مظاهر الصلة بين المذهب والماليّة العامّة: أنّ إيرادات الدولة اختلفت وظيفتها تبعاً لنوع الأفكار الاقتصاديّة المذهبيّة التي تأثّرت بها، ففي الفترة التي ساد فيها المذهب الرأسمالي بأفكاره عن الحرّية كانت الوظيفة الأساسيّة للإيرادات هي تغطية نفقات الدولة، بوصفها جهازاً لحماية الأمن في البلاد والدفاع عنها. وعندما بدأت الأفكار الاشتراكيّة تغزو الصعيد المذهبي أصبح للإيرادات مهمّة اخرى أضخم، وهي علاج سوء التوزيع، والتقريب بين الطبقات، وإقامة العدالة الاجتماعيّة وفقاً للأفكار المذهبيّة الجديدة. ولم تعد الدولة تكتفي من الإيرادات أو الضرائب بالقدر الذي يغطّي نفقاتها كجهاز، بل توسّعت في ذلك بقدر ما تفرضه المهمّة الجديدة.
فهذه المظاهر تبرهن على تكييف الماليّة العامّة للمجتمع تبعاً لقاعدته المذهبيّة، كما يتكيّف القانون المدني، الأمر الذي يجعل منها رصيداً لعمليّة الاكتشاف بوصفها طابقاً عُلويّاً يشرف المكتشف منه على الطابق المتقدّم، أي على المذهب الاقتصادي.
تلخيص واستنتاج:
على أساس ما تقدّم يصبح من الضروري أن ندرج عدداً من أحكام الإسلام وتشريعاته التي تعتبر بناءً فوقيّاً للمذهب في نطاق عمليّة اكتشاف المذهب، وإن لم تكن داخلة كلّها في صميم المذهب ذاته.