الفوقي في البناء الرأسمالي أن يسمح للأفراد بملكيّة المعادن تطبيقاً لحرّية التملّك، وأن يقدّم مصلحة الفرد في الانتفاع بما يملك على أيّ اعتبار آخر، فلا يمنع الفرد عن ممارسة أمواله بالطريقة التي تحلو له مهما كان أثر ذلك على الآخرين ما دامت الملكيّة والحرّية حقّاً طبيعيّاً للفرد، وليست وظيفة اجتماعيّة يمارسها الفرد ضمن الجماعة.
وحين أخذ دور الحرّية الاقتصاديّة يتضاءل، ومفهوم الملكيّة الخاصّة يتطوّر بدأت القوانين المدنيّة تمنع عن تملّك الفرد لبعض الثروات أو المرافق الطبيعيّة، ولا تسمح له بالإساءة في استعمال حقّه في التصرّف والانتفاع بماله.
فهذا كلّه يجلّي علاقة التبعيّة بين القانون المدني والمذهب إلى درجة يجعل من الممكن التعرّف على المذهب وملامحه الأصيلة عن طريق القانون المدني.
فالشخص الذي لم يتح له الاطّلاع المباشر على المذهب الاقتصادي لبلدٍ ما يمكنه أن يرجع إلى قانونه المدني لا بوصفه المذهب الاقتصادي، فإنّ المذهب غير القانون، بل باعتباره البناء العلْوي للمذهب والطابق الفوقي الذي يعكس محتوى المذهب وخصائصه العامّة، ويمكنه عندئذٍ في ضوء دراسة القانون المدني للبلد أن يعرف بسهولة كون البلد رأسماليّاً أو اشتراكيّاً، بل وحتّى الدرجة التي يؤمن البلد بها من الرأسماليّة والاشتراكيّة.
تلخيص:
تحدّثنا حتّى الآن عن الفرق بين المذهب الاقتصادي بشكل عام وعلم الاقتصاد، والفرق بين المذهب الاقتصادي والقانون المدني، وعرفنا على هذا الأساس أنّ من الخطأ أن نتحدّث عن المذهب الاقتصادي الإسلامي بوصفه علماً، أو باعتباره مجموعة من التشريعات في مستوى القانون المدني الذي ينظّم أحكام