الحقيقة: أنّ تعبيرَي (الحلال والحرام) في الإسلام تجسيدان للقِيَم والمُثُل التي يؤمن بها الإسلام فمن الطبيعي أن ننتهي من ذلك إلى اليقين بوجود اقتصاد مذهبي إسلامي؛ لأنّ قصّة الحلال والحرام في الإسلام تمتدّ إلى جميع النشاطات الإنسانيّة، وألوان السلوك: سلوك الحاكم والمحكوم، وسلوك البائع والمشتري، وسلوك المستأجر والأجير، وسلوك العامل والمتعطّل، فكلّ وحدة من وحدات هذا السلوك هي: إمّا حرام وإمّا حلال، وبالتالي هي: إمّا عدل وإمّا ظلم؛ لأنّ الإسلام إن كان يشتمل على نصّ يمنع عن سلوك معيّن سلبي أو إيجابي فهذا السلوك حرام، وإلّا فهو حلال.
وإذا كانت كلّ ألوان النشاط في الحياة الاقتصاديّة خاضعة لقضيّة الحلال والحرام بما تعبّر عنه هذه القضيّة من قِيَم ومُثُل فمن حقّ البحث في الإسلام أن يدعونا إلى التفكير في استخلاص وتحديد المذهب الاقتصادي، الذي تعبّر عنه قضيّة الحلال والحرام بقِيَمها ومُثُلها ومفاهيمها.
العلاقة بين المذهب والقانون:
كما عرفنا أنّ المذهب الاقتصادي يختلف عن علم الاقتصاد كذلك يجب أن نعرف الفرق بين المذهب الاقتصادي والقانون المدني أيضاً، فإنّ المذهب هو مجموعة من النظريّات الأساسيّة التي تعالج مشاكل الحياة الاقتصاديّة، والقانون المدني هو التشريع الذي يُنظّم تفصيلات العلاقات الماليّة بين الأفراد وحقوقهم الشخصيّة والعينيّة. وعلى هذا الأساس لا يمكن أن يعتبر المذهب الاقتصادي لمجتمع نفس قانونه المدني. فالرأسماليّة مثلًا بوصفها المذهب الاقتصادي لدول كثيرة في العالم ليست هي نفس القوانين المدنيّة في تلك الدول، ولذا قد تختلف دولتان رأسماليّتان في تشريعاتهما القانونيّة تبعاً لاتّجاهات رومانيّة وجرمانيّة