موسوعة الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره، ج3، ص: 423
أو قانون الاجور الحديدي للعمّال، فإنّ أمثال هذه القوانين إنّما تصدق علميّاً وتنطبق على الواقع الذي تفسّره في مجتمع رأسمالي يطبّق الرأسماليّة المذهبيّة، فهي قوانين علميّة ضمن إطار مذهبي معيّن، وليست علميّة ولا صحيحة ضمن إطار آخر، كما أوضحنا ذلك بكلّ تفصيل في بحث سابق من هذا الكتاب[1].
وبمجرّد أن نضع هذا الفصل الحاسم بين المذهب الاقتصادي وعلم الاقتصاد نعرف أنّ القول بوجود مذهب اقتصادي في الإسلام لا يعني أنّ الإسلام يبحث في قوانين العرض والطلب، ويحدّد مدى تأثير زيادتهما أو انكماشهما على الثمن في السوق الحرّة، وإنّما يبحث بدلًا عن ذلك في توفير الحرّية للسوق، فيدعو إلى توفيرها له وصيانتها، أو إلى الإشراف على السوق والتحديد من حرّيته تبعاً للصورة التي يتبنّاها للعدالة.
وكذلك لا يبحث الإسلام في العلاقة وردود الفعل بين الفائدة والربح، أو بين حركة رأس المال الربوي والتجارة، ولا في العوامل التي تؤدّي إلى زيادة الفائدة أو انخفاضها، وإنّما يقوّم نفس الفائدة والربح، ويُصدر حكمه على الاستثمار الربوي والتجاري بما يتّفق مع مفاهيمه عن العدالة.
ولا يبحث الإسلام أيضاً في ظاهرة تناقص إنتاج الغلّة وأسبابها، وإنّما يبحث عمّا إذا كان من الجائز ومن العدل أن يوضع الإنتاج تحت إشراف هيئة مركزيّة عليا.
***
نعرف من ذلك كلّه: أنّ وظيفة المذهب الاقتصادي هي وضع حلول لمشاكل الحياة الاقتصاديّة ترتبط بفكرته ومُثُله في العدالة، وإذا أضفنا إلى هذه
[1] راجع مبحث: القوانين العلميّة في الاقتصاد الرأسمالي ذات إطار مذهبي