الضريبة الواجبة شرعاً؛ لأنّ هذه الضريبة لدى أدائها لا تفسح مجالًا أمام النقد للتجمّع والاكتناز، فلا غرو إذا هدّد القرآن الذين يكنزون الذهب والفضّة وتوعّدهم بالنار قائلًا: «وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ* يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ»[1].
وعن هذا الطريق ضمن الإسلام بقاء المال في مجالات الإنتاج والتبادل والاستهلاك، وحال دون تسلّله إلى صناديق الاكتناز والادّخار.
وثانياً: حرّم الإسلام الربا تحريماً قاطعاً لا هوادة فيه[2]، وبذلك قضى على الفائدة ونتائجها الخطيرة في مجال التوزيع وما تؤدّي إليه من إخلال بالتوازن الاقتصادي العامّ، وانتزع من النقد دوره بوصفه أداة تنمية للملك مستقلّة بذاتها، وردّه إلى دوره الطبيعي الذي يباشره بوصفه وكيلًا عامّاً عن السلع، وأداة لقياس قيمتها وتسهيل تداولها.
وقد يظنّ كثير ممّن عاش التجربة الرأسماليّة وألِف ألوانها وأشكالها: أنّ القضاء على الفائدة يعني القضاء على البنوك والمصارف، وتعطيل أجهزة الحياة الاقتصاديّة وشلّ كلّ أعصابها وأوردتها التي تموّنها تلك البنوك والمصارف.
ولكنّ هذا الظنّ إنّما ينشأ عند هؤلاء نتيجة للجهل بواقع الدور الذي تؤدّيه البنوك والمصارف في الحياة الاقتصاديّة، وبواقع الصورة الإسلاميّة للتنظيم الاقتصادي الكفيل بعلاج سائر المشاكل التي تنجم عن القضاء على الفائدة، وهذا ما سندرسه
[1] سورة التوبة: 34- 35
[2] قال تعالى:« أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا»، سورة البقرة: 275. ووسائل الشيعة 18: 117، الباب الأوّل من أبواب الربا