السلعة التي اختصّ بإنتاجها. فمن ينتج مئة كيلو من الحنطة يحتفظ بنصف المبلغ- مثلًا- لإشباع حاجته، ويستبدل خمسين كيلو من الحنطة بمبلغ معيّن من القطن الذي ينتجه غيره.
ولكنّ هذا الشكل من المبادلة (المقايضة)، لم يستطع أن يُيسّر التداول في الحياة الاقتصاديّة، بل أخذ يزداد صعوبة وتعقيداً على مرّ الزمن كلّما ازداد التخصّص وتنوّعت الحاجات؛ لأنّ المقايضة تضطرّ منتج الحنطة أن يجد حاجته من القطن عند شخص يرغب في الحصول على الحنطة، وأمّا إذا كان صاحب القطن بحاجة إلى فاكهة لا إلى حنطة، وليس لدى صاحب الحنطة فاكهة، فسوف يتعذّر على صاحب الحنطة أن يحصل على حاجته من القطن. وهكذا تتولّد الصعوبات من ندرة التوافق بين حاجة المشتري وحاجة البائع.
أضف إلى ذلك صعوبة التوافق بين قِيَم الأشياء المعدّة للمبادلة، فمن كان يملك فرساً لا يستطيع أن يحصل عن طريقها على دجاجة؛ لأنّ قيمة الدجاجة أقلّ من قيمة الفرس، وهو غير مستعدّ بطبيعة الحال للحصول على دجاجة واحدة نظير فرس كاملة، ولا هي قابلة للقسمة حتّى يحصل على دجاجة نظير جزء منها.
وكذلك أيضاً كانت عمليّات المبادلة تواجه مشكلة اخرى، هي: صعوبة تقدير قِيَم الأشياء المعدّة للمبادلة؛ إذ لا بدّ لقياس قيمة الشيء الواحد من مقارنته بباقي الأشياء الاخرى حتّى تعرف قيمته بالنسبة إليها جميعاً.
لهذه الأسباب بدأت المجتمعات التي تعتمد على المبادلة تفكّر في تعديل المقايضة بشكل يعالج تلك المشاكل، فنشأت فكرة استعمال النقد بوصفه أداة للمبادلة بدلًا عن السلعة نفسها. وظهر على هذا الأساس الشكل الثاني للمبادلة، أي المبادلة على أساس النقد، فأصبح النقد وكيلًا عن السلعة التي كان يضطرّ المشتري إلى تقديمها للبائع في المقايضة. فبدلًا عن تكليف صاحب الحنطة- في