ثروات خاصّة، وعامّة.
فالثروات الخاصّة: كلّ مال يتكوّن أو يتكيّف طبقاً للعمل البشري الخاصّ المنفق عليه، كالمزروعات والمنسوجات والثروات التي انفق عمل في سبيل استخراجها من الأرض والبحر أو اقتناصها من الجوّ، فإنّ العمل البشري يتدخّل هنا: إمّا في تكوين نفس المال، كعمل الزرّاع بالنسبة إلى الناتج الزراعي. وإمّا في تكييف وجوده وإعداده بالصورة التي تسمح بالاستفادة منه، كالعمل المبذول في استخراج الكهرباء من القوى المنتشرة في الطبيعة، أو إخراج الماء أو البترول من الأرض. فالطاقة الكهربائيّة والكمّيات المستخرجة من الماء أو البترول ليست مخلوقة للعمل البشري، ولكنّ العمل هو الذي كيّفها وأعدّها بالصورة التي تسمح بالاستفادة منها.
وهذه الثروات التي يدخل العمل البشري في حسابها هي المجال المحدّد في الإسلام للملكيّة الخاصّة، أي النطاق الذي سمح الإسلام بظهور الملكيّة الخاصّة فيه؛ لأنّ العمل أساس الملكيّة، وما دامت تلك الأموال ممتزجة بالعمل البشري فللعامل أن يتملّكها، ويستعمل حقوق التملّك من استمتاع واتّجار وغيرهما.
وأمّا الثروات العامّة فهي: كلّ مال لم تتدخّل اليد البشريّة فيه كالأرض، فإنّها مال لم تصنعه اليد البشريّة، والإنسان وإن كان يتدخّل أحياناً في تكييف الأرض بالكيفيّة التي تجعلها صالحة للزراعة والاستثمار غير أنّ هذا التكييف محدود مهما فُرض أمده، فإنّ عمر الأرض أطول منه، فهو لا يعدو أن يكون تكييفاً لفترة محدودة من عمر الأرض. وتشابه الأرض في ذلك رقبة المعادن والثروات الطبيعيّة الكامنة فيها، فإنّ مادّة هذه المعادن الكامنة في الأرض ليست مدينة للعمل البشري في تكوينها أو تكييفها، وإنّما يتدخّل العمل في الكمّيات