زادت عن حاجته غير أ نّها سبب فعّال في التوزيع بالنسبة إلى الفئة الثانية من فئات المجتمع التي استعرضناها قبل دقائق، وهي الفئة التي لا تملك من القدرة الفكريّة والجسديّة إلّاالدرجة التي تسمح لها بالحصول على الحدّ الأدنى من ضرورات الحياة، فإنّ هذه الفئة- على الاسس الاشتراكيّة الماركسيّة للاقتصاد- يجب أن تقنع بثمار عملها الضئيلة، وتستسيغ الفوارق الكبيرة بين مستوى معيشتها ومستوى المعيشة العامّ للفئة الاولى القادرة على كسب العيش المرفّه؛ لأنّ العمل وحده هو الذي يمارس التوزيع في ظلّ الاشتراكيّة، فلا يمكن للعامل أن يطمع بأكثر من العيش الذي يرشّحه له عمله. وأمّا في ظلّ الاقتصاد الإسلامي فالأمر يختلف؛ لأنّ الإسلام لم يكتفِ بالعمل وحده لتنظيم جهاز التوزيع بين العاملين، بل جعل للحاجة نصيباً من ذلك، واعتبر عجز الفئة الثانية عن تحقيق المستوى العامّ للرفاه لوناً من الحاجة، ووضع الأساليب والطرق المعيّنة لمعالجة هذه الحاجة. فالعامل الموهوب الطيّب الحظّ لن يحرم ممّا زاد على حاجته من نتاج عمله، ولكنّ العامل الذي لم يمنح إلّاالحدّ الأدنى من الطاقة العمليّة سوف يحصل على نصيب أكبر من نتاجه.
وهناك نقطة خلاف فكري اخرى بين الإسلام والاشتراكيّة الماركسيّة حول الفئة الثالثة من فئات المجتمع الثلاث التي حُرمت من العمل بسبب طبيعة تكوينها الفكري والجسدي، والاختلاف بين الإسلام والاشتراكيّة الماركسيّة حول هذه الفئة المحرومة ينبع من تناقض مفاهيمهما عن علاقات التوزيع.
وأنا لا اريد أن أتناول بهذا الصدد موقف العالم الاشتراكي اليوم من الفئة الثالثة، ولا احاول أن اكرّر المزاعم القائلة: إنّ الفرد العاجز عن العمل محكوم عليه في المجتمعات الاشتراكيّة بالموت جوعاً؛ لأنّني اريد أن أدرس المسألة من الوجهة النظريّة لا التطبيقيّة، ولا اريد أن أتحمّل مسؤوليّة تلك المزاعم التي