مادّة حصيلة الرغبة الاجتماعيّة العامّة في الحصول عليها، كما أوضحنا ذلك في دراستنا للمادّية التاريخيّة.
وإنّما العمل في نظر الإسلام سبب لملكيّة العامل لنتيجة عمله[1]، وهذه الملكيّة الخاصّة القائمة على أساس العمل تعبيرٌ عن ميل طبيعي في الإنسان إلى تملّك نتائج عمله، ومردّ هذا الميل إلى شعور كلّ فرد بالسيطرة على عمله، فإنّ هذا الشعور يوحي طبيعيّاً بالميل إلى السيطرة على نتائج العمل ومكاسبه، وبذلك تكون الملكيّة القائمة على أساس العمل حقّاً طبيعيّاً للإنسان نابعاً من مشاعره الأصيلة. وحتّى المجتمعات التي تُحدّثنا الشيوعيّة عن انعدام الملكيّة الخاصّة فيها لا تدحض حقّ الملكيّة القائم على أساس العمل بوصفه تعبيراً عن ميل أصيل في الإنسان، وإنّما تعني أنّ العمل في تلك المجتمعات كان يحمل طابعاً اشتراكيّاً، فكانت الملكيّة القائمة على أساسه اشتراكيّة أيضاً. فالحقيقة هي الحقيقة، والميل الطبيعي إلى التملّك على أساس العمل ثابت على أيّ حال، وإن اختلفت نوعيّة الملكيّة لاختلاف شكل العمل من ناحية كونه فرديّاً أو اجتماعيّاً.
فالعمل إذن أساس لتملّك العامل في نظر الإسلام، وعلى هذا الأساس فهو أداة رئيسيّة في جهاز التوزيع الإسلامي؛ لأنّ كلّ عامل يحظى بالثروات الطبيعيّة التي يحصل عليها بالعمل، ويمتلكها وفقاً لقاعدة: أنّ العمل سبب الملكيّة.
وهكذا نستطيع أن نستخلص في النهاية المواقف المذهبيّة المختلفة من
[1] قال تعالى:« لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَ لِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ» سورة النساء: 32، وانظر: بحار الأنوار 66: 313، ووسائل الشيعة 19: 126- 134، الباب 23 من أبواب كتاب الإجارة، باب أنّ من تقبّل بعمل لم يجز أن يقبّل غيره بنقيصة إلّاأن يعمل فيه شيئاً، والباب 21 و 22