أنّهم فسّروا من ناحية علمية كمية الثروة لدى كلّ امّة: بالمقدار الذي تملكه من النقد، استخدموا هذه الفكرة في وضع مذهبهم التجاري، فدعوا إلى تنشيط التجارة الخارجية بوصفها الأداة الوحيدة لجلب النقد من الخارج، ووضعوا معالم سياسة اقتصادية تؤدّي إلى زيادة قيمة البضائع المصدَّرة على قيمة البضائع المستوردة؛ لتدخل إلى البلاد نقود بقدر الزيادة في الصادرات.
والطبيعيون «1» حين جاؤوا بتفسير جديد للثروة، قائم على أساس الإيمان: بأنّ الإنتاج الزراعي وحده هو الإنتاج الكفيل بتنمية الثروة وخلق القيم الجديدة دون التجارة والصناعة .. وضعوا في ضوء التفسير العلمي المزعوم سياسة مذهبية جديدة، تهدف إلى العمل على ازدهار الزراعة وتقدّمها، بوصفها قوام الحياة الاقتصادية كلّها.
ومالتس حين قرّر في نظريته الشهيرة على ضوء إحصاءاته العلمية: أنّ نموّ البشر أسرع نسبياً من نموّ الإنتاج الزراعي، ممّا يؤدّي حتماً إلى مجاعة هائلة في مستقبل الإنسانية؛ لزيادة الناس على المواد الغذائية … تبنّى الدعوة إلى تحديد النسل، ووضع لهذه الدعوة أساليبها السياسية والاقتصادية والأخلاقية.
وحين فسّر الاشتراكيون قيمة السلعة: بالعمل المنفق على إنتاجها .. شجبوا الربح الرأسمالي، وتبنّوا المذهب الاشتراكي في التوزيع الذي يجعل الناتج من حقّ العامل وحده؛ لأنّه الخالق الوحيد للقيمة التي يتمتّع بها الناتج.
وهكذا أخذت جملة من النظريات العلمية تؤثّر على النظرة المذهبية، وتنير