موسوعة الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره، ج3، ص: 376
معلناً مبدأ الضمان الاجتماعي: «من ترك ضياعاً فعليَّ ضياعه، ومن ترك دَيناً فعليَّ دينه»[1].
ويعلن الاقتصاد الإسلامي بوضوح: أنّ الفقر والحرمان ليس نابعاً من الطبيعة نفسها، وإنّما هو نتيجة سوء التوزيع والانحراف عن العلاقات الصالحة التي يجب أن تربط الأغنياء بالفقراء، فيقول- على ما جاء في الحديث-: «ما جاع فقير إلّابما متّع به غنيّ»[2].
إنّ هذا الوعي الإسلامي لقضايا العدالة الاجتماعيّة في التوزيع الذي لم يوجد نظيره حتّى في مجتمعات أرقى من المجتمع الإسلامي في شروطه المادّية لا يمكن أن يكون وليد المحراث والتجارة البدائيّة أو الصناعيّة اليدويّة، وما إليها من وسائل المعيشة التي كانت كلّ المجتمعات تعرفها.
***
يقولون: إنّ هذا الوعي أو هذا الانقلاب الاجتماعي، بل هذا المدّ الإسلامي الهائل الذي امتدّ إلى تاريخ العالم كلّه كان نتيجة للنموّ التجاري وللأوضاع التجاريّة في مكّة التي كانت تتطلّب إنشاء دولة ثابتة وتدعيمها بكلّ متطلّباتها الاجتماعيّة والفكريّة التي تلائم الوضع التجاري السائد!
وحقّاً أ نّه تفسير طريف، أن يفسّر هذا التحوّل التاريخي الشامل في حياة الإنسانيّة كلّها بالظروف التجاريّة لبلدة من بلاد جزيرة العرب.
ولا أدري كيف سمحت الظروف التجاريّة لمكّة بهذا الدور التاريخي الجبّار
[1] وسائل الشيعة 18: 337، الباب 9 من أبواب الدين والقرض، الحديث 5. والحديث عن النبيّ صلى الله عليه و آله
[2] نهج البلاغة: 533