الإنسانيّة، وأنّ النظام الاجتماعي هو الشكل الذي ينظّم الحياة الاجتماعيّة وفقاً لتلك الحاجات كما سبق، إذا عرفنا ذلك كلّه خرجنا بنتيجة، وهي: أنّ النظام الاجتماعي الصالح للإنسانيّة ليس من الضروري- لكي يواكب نموّ الحياة الاجتماعيّة- أن يتطوّر ويتغيّر بصورة عامّة، كما أ نّه ليس من المعقول أن يصوغ كلّيات الحياة وتفاصيلها في صيغ ثابتة، بل يجب أن يكون في النظام الاجتماعي جانب رئيسي ثابت، وجوانب مفتوحة للتطوّر والتغيّر ما دام الأساس للحياة الاجتماعيّة (الحاجات الإنسانيّة) يحتوي على جوانب ثابتة وجوانب متغيّرة، فتنعكس كلّ من جوانبه الثابتة والمتطوّرة في النظام الاجتماعي الصالح.
وهذا هو الواقع في النظام الاجتماعي للإسلام تماماً، فهو يشتمل على جانب رئيسي ثابت يتّصل بمعالجة الحاجات الأساسيّة الثابتة في حياة الإنسان، كحاجته إلى الضمان المعيشي والتوالد والأمن، وما إليها من الحاجات التي عولجت في أحكام توزيع الثروة، وأحكام الزواج والطلاق، وأحكام الحدود والقصاص، ونحوها من الأحكام المقرّرة في الكتاب والسنّة.
ويشتمل النظام الاجتماعي في الإسلام أيضاً على جوانب مفتوحة للتغيّر وفقاً للمصالح والحاجات المستجدّة، وهي الجوانب التي سمح فيها الإسلام لوليّ الأمر أن يجتهد فيها وفقاً للمصلحة والحاجة على ضوء الجانب الثابت من النظام. كما زوّد الجانب الثابت من النظام بقواعد تشريعيّة ثابتة في صيغها القانونيّة غير أ نّها تتكيّف في تطبيقها بالظروف والملابسات؛ وبذلك تحدّد الاسلوب الصحيح لإشباع الحاجات الثابتة التي تتنوّع أساليب إشباعها بالرغم من ثباتها، وذلك كقاعدة نفي الضرر في الإسلام ونفي الحرج في الدين.
***
وهكذا- وخلافاً للماركسيّة القائلة بتبعيّة علاقات التوزيع، وبالتالي النظام