وأمّا المذهب الاقتصادي للمجتمع فهو: عبارة عن الطريقة التي يفضّل المجتمع اتّباعها في حياته الاقتصادية وحلّ مشاكلها العملية.
وعلى هذا الأساس لا يمكن أن نتصوّر مجتمعاً دون مذهب اقتصادي؛ لأنّ كلّ مجتمع يمارس إنتاج الثروة وتوزيعها لا بدّ له من طريقة يتفق عليها في تنظيم هذه العمليات الاقتصادية، وهذه الطريقة هي التي تحدّد موقفه المذهبي من الحياة الاقتصادية.
ولا شكّ في أنّ اختيار طريقة معيّنة لتنظيم الحياة الاقتصادية ليس اعتباطاً مطلقاً، وإنّما يقوم دائماً على أساس أفكار ومفاهيم معيّنة ذات طابع أخلاقي أو علمي أو أيّ طابع آخر، وهذه الأفكار والمفاهيم تكوّن الرصيد الفكري للمذهب الاقتصادي القائم على أساسها. وحين يدرس أيّ مذهب اقتصادي يجب أن يتناول من ناحية: طريقته في تنظيم الحياة الاقتصادية، ومن ناحية اخرى:
رصيده من الأفكار والمفاهيم التي يرتبط المذهب بها. فإذا درسنا- مثلًا- المذهب الرأسمالي القائل بالحرية الاقتصادية .. كان لزاماً علينا أن نبحث الأفكار والمفاهيم الأساسية، التي يقوم على أساسها تقديس الرأسمالية للحرية وإيمانها بها .. وهكذا الحال في أيّ دراسة مذهبية اخرى.
ومنذ بدأ علم الاقتصاد السياسي يشقّ طريقه في مجال التفكير الاقتصادي أخذت بعض النظريات العلمية في الاقتصاد تكوّن جزءاً من هذا الرصيد الفكري للمذهب.
فالتجاريون[1] مثلًا- وهم طلائع التفكير الاقتصادي الحديث- حين زعموا
[1] راجع الرأسماليّة الناشئة: 61- 64