والبضائع الاستهلاكيّة. فحين يقوم المجتمع على أساس الاقتصاد الإسلامي، ويحرّم فيه الربا تحريماً تامّاً، كما يمنع عن الاكتناز بالنهي عنه أو بفرض ضريبة عليه فسوف ينتج عن ذلك إقبال الناس جميعاً على إنفاق ثرواتهم.
ففي هذه التفسيرات نفترض واقعاً اجتماعيّاً واقتصاديّاً قائماً على اسس معيّنة، ونأخذ بتفسير هذا الواقع المفترض واستكشاف خصائصه العامّة في ضوء تلك الاسس.
ولكنّ هذه التفسيرات لا تكوّن لنا بدقّةٍ المفهوم العلمي الشامل للحياة الاقتصاديّة في المجتمع الإسلامي ما لم تجمع موادّ الدراسة العلميّة من تجارب الواقع المحسوس. فكثيراً ما تقع مفارقات بين الحياة الواقعيّة للنظام وبين التفسيرات التي تقدّم لهذه الحياة على أساس الافتراض، كما اتّفق للاقتصاديّين الرأسماليّين الذين بنوا كثيراً من نظريّاتهم التحليليّة على أساس افتراضي، فانتهوا إلى نتائج تناقض الواقع الذي يعيشونه؛ لانكشاف عدّة عوامل في الحقل الواقعي للحياة لم تؤخذ في مجال الافتراض.
أضف إلى ذلك أنّ العنصر الروحي والفكري، أو بكلمة اخرى: المزاج النفسي العامّ للمجتمع الإسلامي ذو أثر كبير في مجرى الحياة الاقتصاديّة، وليس لهذا المزاج درجة محدودة أو صيغة معيّنة يمكن أن تفترض مسبقاً وتقام على أساسها النظريّات المختلفة.
فعلم الاقتصاد الإسلامي لا يمكن أن يولد ولادة حقيقيّة إلّاإذا جسّد هذا الاقتصاد في كيان المجتمع بجذوره ومعالمه وتفاصيله، ودرست الأحداث والتجارب الاقتصاديّة التي يمرّ بها دراسة منظّمة.