وهكذا تبقى المشكلة كما هي مشكلة مجتمع يتحكّم فيه الدافع الذاتي، وما دامت الكلمة العليا للدافع الذاتي الذي تمليه على كلّ فرد مصلحته الخاصّة فسوف تكون السيطرة للمصلحة التي تملك قوّة التنفيذ، فمن يكفل لمصحلة المجتمع في زحمة الأنانيّات المتناقضة أن يصاغ قانونه وفقاً للمصالح الاجتماعيّة للإنسانيّة ما دام هذا القانون تعبيراً عن القوّة السائدة في المجتمع؟!
ولا يمكننا أن ننتظر من جهاز اجتماعي كالجهاز الحكومي أن يحلّ المشكلة بالقوّة ويوقف الدوافع الذاتيّة عند حدّها؛ لأنّ هذا الجهاز منبثق عن المجتمع نفسه، فالمشكلة فيه هي المشكلة في المجتمع بأسره؛ لأنّ الدافع الذاتي هو الذي يتحكّم فيه.
ونخلص من ذلك كلّه إلى أنّ الدافع الذاتي هو مثار المشكلة الاجتماعيّة، وأنّ هذا الدافع أصيل في الإنسان؛ لأنّه ينبع من حبّه لذاته.
فهل كتب على الإنسانيّة أن تعيش دائماً في هذه المشكلة الاجتماعيّة النابعة من دوافعها الذاتيّة وفطرتها، وأن تشقى بهذه الفطرة؟!
وهل استثنيت الإنسانيّة من نظام الكون الذي زوّد كلّ كائن فيه بإمكانات التكامل، واودعت فيه الفطرة التي تسوقه إلى كماله الخاصّ، كما دلّت على ذلك التجارب العلمية إلى جانب البرهان الفلسفي؟!
[دور الدين في حلّ المشكلة:]
وهنا يجيء دور الدين بوصفه الحلّ الوحيد للمشكلة، فإنّ الدين هو الإطار الوحيد الذي يمكن للمسألة الاجتماعيّة أن تجد ضمنه حلّها الصحيح؛ ذلك أنّ الحلّ يتوقّف على التوفيق بين الدوافع الذاتيّة والمصالح الاجتماعيّة العامّة، وهذا التوفيق هو الذي يستطيع أن يقدّمه الدين للإنسانيّة؛ لأنّ الدين هو الطاقة