كشفت عن الصلة بين هذا الإطار وذلك القانون مثلًا ليست قوّة دافعة إلى العمل وتغيير الإطار، وإنّما يحتاج العمل إلى دافع، والدوافع الذاتيّة للأفراد لا تلتقي دائماً، بل تختلف تبعاً لاختلاف المصالح الخاصّة.
وهكذا يجب أن نفرّق بين اكتشاف الحقيقة العلميّة، والعمل في ضوئها على إسعاد المجتمع. فالعلم إنّما يكشف الحقيقة بدرجة ما، وليس هو الذي يطوّرها.
المادّية التاريخيّة والمشكلة:
وتقول الماركسيّة بهذا الصدد- على أساس المادّية التاريخيّة-: دَعُوا المشكلة ونفسها، فإنّ قوانين التاريخ كفيلة بحلّها في يوم من الأيام، أفليست المشكلة هي أنّ الدوافع الذاتيّة لا تستطيع أن تضمن مصالح المجتمع وسعادته؛ لأ نّها تنبع من المصالح الخاصّة التي تختلف في أكثر الأحايين مع المصالح الاجتماعيّة العامّة؟! إنّ هذه ليست مشكلة، وإنّما هي حقيقة المجتمعات البشريّة منذ فجر التاريخ، فقد كان كلّ شيء يسير طبقاً للدافع الذاتي الذي ينعكس في المجتمع بشكل طبقي، فيثور الصراع بين الدوافع الذاتيّة للطبقات المختلفة، والغلبة دائماً تكون من حظّ الدافع الذاتي للطبقة التي تسيطر على وسائل الإنتاج، وهكذا يتحكّم الدافع الذاتي بشكل محتوم، حتّى تضع قوانين التاريخ حلّها الجذري للمشكلة بإنشاء المجتمع اللاطبقي الذي تزول فيه الدوافع الذاتيّة، وتنشأ بدلًا عنها الدوافع الجماعيّة وفقاً للملكيّة الجماعيّة.
وقد عرفنا في دراستنا للمادّية التاريخيّة أنّ أمثال هذه النبوءات التي تتنبّأ بها المادّية التاريخيّة لا تقوم على أساس علمي، ولا يمكن انتظار حلّ حاسم للمشكلة من ورائها.