الاجتماعيّة[1]؟ بل المشكلة الأساسيّة هي: كيف يندفع هذا الإنسان إلى تحقيقها وتنظيم المجتمع بالشكل الذي يضمنها؟ ومثار المشكلة هو: أنّ المصلحة الاجتماعيّة لا تتّفق في أكثر الأحايين مع الدافع الذاتي؛ لتناقضها مع المصالح الخاصّة للأفراد، فإنّ الدافع الذاتي الذي كان يضمن اندفاع الإنسان نحو المصالح الطبيعيّة للإنسانيّة لا يقف الموقف نفسه من مصالحها الاجتماعيّة، فبينما كان الدافع الذاتي يجعل الإنسان يحاول إيجاد دواء للسلّ- لأنّ إيجاد هذا الدواء من مصلحة الأفراد جميعاً- نجد أنّ هذا الدافع الذاتي نفسه يحول دون تحقيق كثير من المصالح الاجتماعيّة، ويمنع عن إيجاد التنظيم الذي يكفل تلك المصالح أو عن تنفيذه. فضمان معيشة العامل حال التعطّل يتعارض مع مصلحة الأغنياء الذين سيكلّفون بتسديد نفقات هذا الضمان. وتأميم الأرض يتناقض مع مصلحة اولئك الذين يمكنهم احتكار الأرض لأنفسهم. وهكذا كلّ مصلحة اجتماعيّة فإنّها تمنى بمعارضة الدوافع الذاتيّة من الأفراد الذين تختلف مصلحتهم عن تلك المصلحة الاجتماعيّة العامّة.
وفي هذا الضوء نعرف الفارق الأساسي بين المصالح الطبيعيّة والمصالح الاجتماعيّة. فإنّ الدوافع الذاتيّة للأفراد لا تصطدم بالمصالح الطبيعيّة للإنسانيّة، بل تدفع الأفراد إلى إيجادها واستثمار الوعي التأمّلي في هذا السبيل، وبذلك كان النوع الإنساني يملك الإمكانات التي تكفل له مصالحه الطبيعيّة بصورة تدريجيّة
[1] قمنا بدراسة واسعة لتقييم إمكانات الإنسان للوصول فكريّاً إلى التنظيم الاجتماعي الأصلح وإدراك المصالح الاجتماعيّة الحقيقيّة في كتابنا« الإنسان المعاصر والمشكلة الاجتماعيّة»، وشرحنا هناك دور التجارب الاجتماعيّة والعلميّة ومدى عطائها في هذا المجال.( المؤلّف قدس سره)