إحداهما: مصالح الإنسان التي تقدّمها الطبيعة له بوصفه كائناً خاصّاً كالعقاقير الطبّية مثلًا؛ فإنّ من مصلحة الإنسان الظفر بها من الطبيعة، وليست لهذه المصلحة صلة بعلاقاته الاجتماعيّة مع الآخرين، بل الإنسان بوصفه كائناً معرّضاً للجراثيم الضارّة بحاجة إلى تلك العقاقير، سواء كان يعيش منفرداً أم ضمن مجتمع مترابط.
والفئة الاخرى: مصالح الإنسان التي يكفلها له النظام الاجتماعي بوصفه كائناً اجتماعيّاً يرتبط بعلاقات مع الآخرين، كالمصلحة التي يجنيها الإنسان من النظام الاجتماعي حين يسمح له بمبادلة منتوجاته بمنتوجات الآخرين، أو حين يوفّر له ضمان معيشته في حالات العجز والتعطّل عن العمل.
وسوف نطلق على الفئة الاولى اسم المصالح الطبيعيّة، وعلى الفئة الثانية اسم المصالح الاجتماعيّة.
[شروط توفير المصالح:]
ولكي يتمكّن الإنسان من توفير مصالحه الطبيعية والاجتماعيّة يجب أن يجهّز بالقدرة على معرفة تلك المصالح وأساليب إيجادها، وبالدافع الذي يدفعه إلى السعي في سبيلها. فالعقاقير التي تستحضر للعلاج من السلّ مثلًا توجد لدى الإنسان حين يعرف أنّ للسلّ دواءً، ويكتشف كيفيّة استحضاره، ويملك الدافع الذي يحفّزه على الانتفاع باكتشافه واستحضار تلك العقاقير. كما أنّ ضمان المعيشة في حالات العجز- بوصفه مصلحة اجتماعيّة- يتوقّف على معرفة الإنسان بفائدة هذا الضمان وكيفيّة تشريعه، وعلى الدافع الذي يدفع إلى وضع هذا التشريع وتنفيذه.
فهناك إذن شرطان أساسيّان لا يمكن بدونهما للنوع الإنساني أن يظفر