الطريقة. فإذا كانت توجد حالات يصبح فيها الاسترقاق أصلح من العفو والفداء فلماذا لا يسمح به الإسلام حين يكون أصلح الحالات الثلاث؟ صحيح أنّ الإسلام لم يبيّن تلك الحالات التي يكون الاسترقاق فيها أصلح من غيره، ولكنّه استغنى عن ذلك بإيكال الأمر إلى الحاكم المعصوم من الخطأ والهوى الذي يقود معركة الجهاد سياسيّاً، فهو المسؤول عن تمييز تلك الحالات والعمل وفقاً لرأيه.
ونحن إذا لاحظنا حكم الإسلام بشأن الأسير خلال التطبيق في الحياة السياسيّة للدولة الإسلاميّة وجدنا أنّ الاسترقاق لم يحدث إلّافي تلك الحالات التي كان الاسترقاق فيها أصلح الحالات الثلاث؛ لأنّ العدوّ الذي اشتبكت معه الدولة الإسلاميّة في معاركها كان يتّبع نفس الطريقة مع أسراه.
فلا موضع لنقد أو اعتراض، لا موضع للنقد أو الاعتراض على الحكم العامّ بجواز الاسترقاق؛ لأنّ الإسلام سمح باسترقاق الأسير حين يكون ذلك أوفق بالمصلحة العامّة في رأي الحاكم المعصوم. ولا موضع للنقد أو الاعتراض على تطبيقه؛ لأنّ تطبيقه كان دائماً في تلك الحدود التي يكون الاسترقاق فيها أصلح الإجراءات الثلاثة.
8- الارتباط بين الاقتصاد والتشريع الجنائي في الإسلام. فالتكافل العامّ والضمان الاجتماعي في الاقتصاد الإسلامي يلقيان ضوءاً على طبيعة العقوبة التي فرضت في بعض الجنايات. فقد تكون عقوبة السارق بقطع يده قاسية إلى حدّ ما في بيئة رأسمالية تركت فيها الكثرة الهائلة من أفراد المجتمع لرحمة القدر وزحمة الصراع، وأمّا حيث تكون البيئة إسلاميّة، وتوجد التربة الصالحة للاقتصاد الإسلامي، ويعيش المجتمع في كنف الإسلام فليس من القسوة في شيء أن يعامل السارق بصرامة بعد أن وفّر له الاقتصاد الإسلامي أسباب الحياة الحرّة الكريمة، ومحا من حياته كلّ الدوافع التي تضطرّه إلى السرقة.