موسوعة الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره، ج3، ص: 345
طريقها بالقوى المادّية بالجهاد المسلّح[1]. وفي هذا الظرف فقط تعتبر مكاسب الحرب غنيمة في نظر الإسلام.
وأمّا حكم الأسير في الغنيمة فهو تطبيق أحد امور ثلاثة عليه: فإمّا أن يعفى عنه، وإمّا أن يطلق بفدية، وإمّا أن يسترقّ. فالاسترقاق هو أحد الامور الثلاثة التي يجب على وليّ الأمر معاملة الأسير على أساسها.
وإذا عرفنا بهذا الصدد أنّ وليّ الأمر مسؤول عن تطبيق أصلح الحالات الثلاث على الأسير وأوفقها بالمصلحة العامّة، كما صرّح بذلك الفاضل[2] والشهيد الثاني[3] وغيرهما[4] من فقهاء الإسلام. وأضفنا إلى ذلك حقيقة إسلاميّة اخرى، وهي: أنّ الحرب في سبيل حمل الدعوة إلى بلاد الكفر لم يسمح بها الإسلام سماحاً عامّاً، وإنّما سمح بها في ظرف وجود قائد معصوم يتولّى قيادة الغزو وتوجيه الزحف الإسلامي في معاركه الجهاديّة، إذا جمعنا بين هاتين الحقيقتين نتج عنها أنّ الإسلام لم يأذن باسترقاق الأسير إلّاحين يكون أصلح من العفو والفداء معاً، ولم يسمح بذلك إلّالوليّ الأمر المعصوم الذي لا يخطئ في معرفة الأصلح وتمييزه عن غيره.
وليس في هذا الحكم شيء يؤاخذ الإسلام عليه، بل هو حكم لا تختلف فيه المذاهب الاجتماعيّة مهما كانت مفاهيمها؛ فإنّ الاسترقاق قد يكون أحياناً أصلح من العفو والفداء معاً، وذلك فيما إذا كان العدوّ يتّبع مع أسراه طريقة الاسترقاق، ففي مثل هذه الحالة يصبح من الضروري أن يعامل العدوّ بالمثل، وتتّبع معه نفس
[1] وسائل الشيعة 15: 42، الباب 10 من أبواب جهاد العدوّ
[2] تذكرة الفقهاء 9: 157- 159. وتحرير الأحكام الشرعيّة 2: 162
[3] الروضة البهيّة 2: 401
[4] جواهر الكلام 21: 126