عالمية منفتحة على الجماعة البشرية يرسّخ في نفسه الشعور بالعالمية والارتباط بالجماعة. وهذه الأخلاقية التي يعيشها إنسان العالم الإسلامي إذا لاحظناها بوصفها حقيقة ماثلة في كيان الامّة يمكن الاستفادة منها في المنهجة للاقتصاد داخل العالم الإسلامي ووضعه في إطار يواكب تلك الأخلاقية لكي تصبح قوّة دفع وتحريك، كما كانت أخلاقية مناهج الاقتصاد الاوروبي الحديث عاملًا كبيراً في إنجاح تلك المناهج لما بينهما من انسجام.
فنظرة إنسان العالم الإسلامي إلى السماء قبل الأرض يمكن أن تؤدّي إلى موقف سلبي تجاه الأرض وما في الأرض من ثروات وخيرات يتمثّل في الزهد أو القناعة أو الكسل إذا فصلت الأرض عن السماء، وأمّا إذا البست الأرض إطار السماء واعطي العمل مع الطبيعة صفة الواجب ومفهوم العبادة فسوف تتحوّل تلك النظرة الغيبية لدى الإنسان المسلم إلى طاقة محرّكة وقوّة دفع نحو المساهمة بأكبر قدر ممكن في رفع المستوى الاقتصادي. وبدلًا عمّا يحسّه اليوم المسلم السلبي من برود تجاه الأرض أو ما يحسّه المسلم النشيط الذي يتحرّك وفق أساليب الاقتصاد الحرّ أو الاشتراكي من قلق نفسي في أكثر الأحيان ولو كان مسلماً متميّعاً سوف يولد انسجام كامل بين نفسية إنسان العالم الإسلامي ودوره الإيجابي المرتقب في عملية التنمية.
ومفهوم إنسان العالم الإسلامي عن التحديد الداخلي والرقابة الغيبية الذي يجعله لا يعيش فكرة الحرية بالطريقة الاوروبية يمكن أن يساعد إلى درجة كبيرة في تفادي الصعاب- التي تنجم عن الاقتصاد الحرّ والمشاكل التي تواجهها التنمية الاقتصادية في ظلّه- عن تخطيط عام يستمدّ مشروعيّته في ذهن إنسان العالم الإسلامي من مفهومه عن التحديد الداخلي والرقابة غير المنظورة، أي يستند إلى