يحرقون القرى الأفريقيّة؛ ليضطرّ سكّانها إلى الفرار مذعورين، فيقوم التجّار بكسبهم وسَوقهم إلى السفن التجاريّة التي تنقلهم إلى بلاد الأسياد.
وبقيت هذه الفظائع ترتكب إلى القرن التاسع عشر، حيث قامت بريطانيا خلاله بحملة واسعة النطاق ضدّها حتّى استطاعت إبرام معاهدات دوليّة تستنكر الاتّجار في الرقيق، ولكنّ هذه المحاولة نفسها كانت تحمل الطابع الرأسمالي، ولم تصدر عن إيمان روحي بالقِيَم الخُلُقيّة والمعنويّة، بدليل أنّ بريطانيا التي أقامت الدنيا في سبيل وضع حدّ لأعمال القرصنة استبدلتها باسلوب آخر من الاستعباد المبطّن، إذ أرسلت اسطولها الضخم إلى سواحل أفريقية لمراقبة التجارة المحرّمة من أجل القضاء عليها. إيواللَّه هكذا زعمت من أجل القضاء عليها! ولكنّها مهّدت بذلك إلى احتلال مساحات كبيرة على الشواطئ الغربيّة، وبدأت عمليّة الاستعباد تجري في القارّة نفسها تحت شعار الاستعمار بدلًا عن أسواق اوروبا التجاريّة[1]!
فهل نستطيع القول بعد ذلك كلّه مع الرأسماليّين: بأنّ الحرّية الرأسماليّة جهاز سحري يعمل بشكل تلقائي ودون أيّ اعتبار روحي وخُلُقي على تحويل سعي الناس في سبيل مكاسبهم الخاصّة إلى آلة تضمن المصالح العامّة والرفاه الاجتماعي؟
ب- الحرّية سبب لتنمية الإنتاج:
هذه هي الفكرة الثانية التي ترتكز عليها الحرّية الرأسماليّة- كما مرّ بنا سابقاً- وهي تقوم على خطا في فهم نتائج الحرّية الرأسماليّة، وخطا آخر في
[1] الموسوعة العربيّة الميسَّرة 1: 875- 876