هو إفلاس مشروعه. فالمنافسة الحرّة في النظام الرأسمالي سيف مسلّط على رقاب المنظّمين، يطيح بالضعيف والمهمل والمتكاسل، ويضمن البقاء للأصلح.
وواضح أنّ هذه المنافسة تؤدّي إلى مصلحة المجتمع؛ لأنّها تدفع إلى الاستفادة الدائمة بنتاج العقل العلمي والفنّي، وإشباع الحاجات الإنسانيّة بأقلّ نفقة ممكنة.
فلا ضرورة- بعد هذا- إلى إرهاق صاحب المشروع بتربية خُلُقيّة معيّنة وترويضه على القِيَم الروحيّة، أو ملء اذنيه بالمواعظ والنصائح ليجعل إشباع الحاجات الإنسانيّة بأقلّ نفقة ممكنة، ويزيد من إتقان السلع وجودتها، فإنّ مصلحته الخاصّة كفيلة بدفعه إلى تحقيق ذلك ما دام يعيش في مجتمع حرّ يسوده التنافس.
كما لا حاجة له إلى مواعظ تحثّه على المساهمة في أعمال البرّ والإحسان والاهتمام بمصالح المجتمع؛ لأنّه يندفع إلى ذلك بدافع من مصلحته الخاصّة بوصفه جزءاً من المجتمع.
[التوافق المزعوم بين المصالح العامّة والدوافع الذاتيّة:]
وقد أصبح اليوم حديث التوافق بين المصالح العامّة والدوافع الذاتيّة في ظلّ الحرّية الرأسماليّة أدعى إلى السخرية منه إلى القبول، بعد أن ضجّ تاريخ الرأسماليّة بفجائع وكوارث يقلّ نظيرها في التاريخ، وتناقضات صارخة بين المصالح الخاصّة والمصالح العامّة، وفراغ هائل أحدثه الاستغناء عن الكيان الخُلُقي والروحي للمجتمع، فامتلأ بدلًا عن القِيَم الخُلُقيّة والروحيّة بألوان من الظلم والاستهتار والطمع والجشع.
ونستطيع بكلّ سهولة أن نتبيّن من خلال التاريخ التطبيقي للرأسماليّة جنايات هذه الحرّية الرأسماليّة التي رفضت كلّ التحديدات الخُلُقيّة والروحيّة