بدافع خاصّ. وهكذا يمكن للمجتمع أن يستغني عن الخدمات التي تقدّمها القِيَم الخُلُقيّة والروحيّة، ويصل إلى مصالحه بالطريقة الرأسماليّة التي توفّر لكلّ فرد حرّيته، وتمنحه القدرة على تقدير موقفه في ضوء مصالحه الخاصّة التي تلتقي في آخر الشوط بالمصالح العامّة.
ولهذا السبب كانت الحرّية التي تنادي بها الرأسماليّة مجرّدة من كلّ الإطارات والقِيَم الخُلُقيّة والروحيّة، لأنّها حرّية حتّى في تقدير هذه القِيَم.
ولا يعني هذا أنّ تلك القِيَم لا وجود لها في مجتمع رأسمالي، وإنّما يعني أنّ الرأسماليّة لا تعترف بضرورة هذه القِيَم لضمان مصلحة المجتمع، وتزعم إمكان الاستغناء عنها عن طريق توفير الحرّيات للأفراد، وإن كان الناس أحراراً في التقيّد بتلك القِيَم ورفضها.
ويذكر أنصار الرأسماليّة في سياق الاستدلال على ذلك: أنّ الحرّية الاقتصادية تفتح مجال التنافس الحرّ بين مختلف مشاريع الإنتاج، وصاحب المشروع- في ظلّ هذا التنافس الحرّ الذي يسود الحياة الاقتصاديّة- يخاف دائماً من تفوّق مشروع آخر على مشروعه واكتساحه له، فيعمل بدافع من مصلحته الخاصّة على تحسين مشروعه والاستزادة من كفاءاته؛ حتّى يستطيع أن يخوض معركة السباق مع المشاريع الاخرى، ويصمد في أتون هذا النضال الأبدي. ومن أهمّ الوسائل التي تتّخذ في هذا السبيل: إدخال تحسينات فنّية على المشروع، وهذا يعني: أنّ صاحب المشروع في المجتمع الرأسمالي الحرّ يظلّ دائماً يتلقّف كلّ فكرة أو تحسين جديد على الإنتاج أو أيّ شيء آخر من شأنه أن يمكّنه من الإنتاج بنفقة أقلّ، فإذا أدخل هذه التحسينات فإنّه لا يلبث أن يرى باقي المشروعات قد لحقت به، فيبدأ مرّة ثانية في البحث عن فكرة اخرى جديدة حتّى يحتفظ بأسبقيّته على سائر المشروعات. وجزاء من يتخلّف في هذا السباق