دراسة الرأسماليّة المذهبيّة في أفكارها وقيمها الأساسيّة
إنّ المقوّمات الأساسيّة للمذهب الرأسمالي- التي استعرضناها سابقاً- تدلّ على أنّ حجر الزاوية في المذهب هو حرّية الإنسان في الحقل الاقتصادي بمختلف مجالاته، من تملّك واستغلال واستهلاك. فالحرّية بأشكالها المتنوّعة هي الأساس الذي تنبثق منه كلّ الحقوق والقِيَم المذهبيّة التي تنادي بها الرأسماليّة، بل إنّ القوانين العلميّة للاقتصاد الرأسمالي نفسها ليست إلّاتفسيراً للواقع الموضوعي المتجسّد في إطار هذه الحرّية كما مرّ بنا.
وإذا كانت فكرة الحرّية هي الجوهر والمحتوى الأساسي للرأسماليّة المذهبيّة، فيجب عند دراسة المذهب الرأسمالي نقد هذه الفكرة وتحليلها، ودرس بذورها الفكريّة وما ترتكز عليه من أفكار وقِيَم.
وأوّل سؤال يقفز إلى مجال البحث: لماذا يجب أن يقام المجتمع على أساس الحرّية الاقتصاديّة؟ وكيف نشأ حقّ الإنسان فيها؟ الأمر الذي تؤكّد عليه الرأسماليّة المذهبيّة وترفض الاعتراف بأيّ تحديد أساسي له.
ويجب أن نعرف في سبيل الإجابة على هذا السؤال أنّ الحرّية في التفكير الرأسمالي ترتبط عادةً بعدّة أفكار وقِيَم تستمدّ منها وجودها المركزي في المذهب وصفتها كضرورة اجتماعيّة أو إنسانيّة للكيان البشري.