وتحدّث محمّد بن زياد عن شيء من مظاهر التعاون والتكافل في المجتمع الإسلامي فقال:
«ربّما نزل على بعضهم الضيف وقِدْر أحدهم على النار، فيأخذها صاحب الضيف لضيفه فيفقد القِدْر صاحبها، فيقول: من أخذ القِدْر؟ فيقول صاحب الضيف: نحن أخذناها لضيفنا، فيقول صاحب القِدْر: بارك اللَّه لكم فيها»[1].
وهكذا ندرك الدور الإيجابي الفعّال للإسلام في تغيير مجرى الحياة الاقتصاديّة وقوانينها الطبيعيّة بتغيير الإنسان نفسه وخلق شروط روحيّة وفكريّة جديدة له. وكذلك نعرف مدى الخطأ في إخضاع مجتمع يتمتّع بهذه الخصائص والمقوّمات لنفس القوانين التي يخضع لها مجتمع رأسمالي زاخر بالأنانيّة والمفاهيم المادّية.
ويمكننا أن نأخذ على سبيل المثال أيضاً قوانين توزيع الدخل وقوانين العرض والطلب. فقوانين توزيع الدخل في الاقتصاد الرأسمالي- كما يشرحها (ريكاردو) وغيره من الأقطاب الكلاسيكيّين- تقضي بتخصيص جزء منه أجراً للعامل يحدَّد وفقاً لقيمة الموادّ الغذائيّة القادرة على إعاشة العامل والاحتفاظ بقواه، ويقسّم الباقي على شكل ربح وفائدة وريع. وقد استخلص الاقتصاد الرأسمالي من ذلك: أنّ للُاجور قانوناً حديديّاً لا يمكن بموجبه أن تزيد وتنقص وإن زادت أو انخفضت كمّية النقد التي يتسلّم بها العامل أجره، تبعاً لارتفاع قيمة الموادّ الغذائيّة وهبوطها. ويتلخّص هذا القانون الحديدي في أنّ العمّال إذا ازدادت اجورهم لسببٍ ما فسوف تتحسّن حالتهم المعيشيّة ويقدمون بصورة أكثر
[1] الأدب المفرد( للبخاري): 160