الرأسماليّة المذهبيّة ليست نتاجاً للقوانين العلميّة
في فجر التاريخ العلمي للاقتصاد، حين كان يضع أقطاب الاقتصاد الطبيعي الكلاسيكي بذور هذا العلم وبنياته الأوّليّة سادت الفكر الاقتصادي يومذاك فكرتان:
إحداهما: أنّ الحياة الاقتصاديّة تسير وفقاً لقوى طبيعيّة محدّدة تتحكّم في كلّ الكيان الاقتصادي للمجتمع، كما تسير شتّى مناحي الكون طبقاً لقوى الطبيعة المتنوّعة. والواجب العلمي تجاه تلك القوى التي تسيطر على الحياة الاقتصاديّة هو استكشاف قوانينها العامّة وقواعدها الأساسيّة التي تصلح لتفسير مختلف الظواهر والأحداث الاقتصاديّة.
والفكرة الاخرى: هي أنّ تلك القوانين الطبيعيّة التي يجب على علم الاقتصاد استكشافها كفيلة بضمان السعادة البشريّة إذا عملت في جوّ حرّ، واتيح لجميع أفراد المجتمع التمتّع بالحرّيات الرأسماليّة، حرّيات: التملّك والاستغلال والاستهلاك.
وقد وضعت الفكرة الاولى البذرة العلميّة للاقتصاد الرأسمالي، ووضعت الفكرة الثانية بذرته المذهبيّة، غير أنّ الفكرتين أو البذرتين ارتبطتا في بادئ الأمر ارتباطاً وثيقاً، حتّى خُيّل للمفكّرين الاقتصاديّين يومئذٍ أنّ تقييد حرّية الأفراد